أحمد منصور
رغم أن الانتصار الذي حققته حركة المقاومة الفلسطينية حماس وكتائب المقاومة فى غزة على الكيان الصهيوني فى الشهر الماضي جاء لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على طبق من ذهب، وكان يمكن أن يستخدمه ليتوج نفسه بطلا لدى الشعب الفلسطيني ويختتم به حياته المليئة بعلامات الاستفهام والتراجعات والتصريحات المضادة للمقاومة.
وعدم إنجاز أي شيء ملموس للقضية الفلسطينية منذ تولي السلطة فى أعقاب قتل ياسر عرفات بالسم البطيء في 11 نوفمبر عام 2004 على يد الإسرائيليين والعملاء المندسين داخل أجهزة السلطة الفلسطينية، إلا أن بعض الناس لا يكتب لهم التوفيق فى الحياة أو الاستفادة من خيراتها حتى لو جاءتهم على طبق من ذهب ويبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واحد منهم فبدلا من استخدام النصر فى غزة لتحسين صورته التاريخية لدى الشعب الفلسطيني والضغط على إسرائيل في مستنقع المفاوضات الذي لم يجن من ورائه شيئا طوال السنوات الماضية أو تقدمه للصفوف بعدما قدمته حركة حماس وأشركته رغما عنه في النصر الذي لم يكن له أي دور فيه إلا أنه فاجأ الجميع بهجوم حاد على حركة حماس في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة يوم الأحد الماضي 7 سبتمبر حتى أن رئيس الجلسة أوقفها وطلب من الصحفيين والضيوف أن يخرجوا من القاعة وأن يحولها إلى قاعة مغلقة.
هذا الهجوم جاء تتويجا لهجمات أخرى قام بها عباس ضد حركة حماس لم تأخذ هذا البعد الذي أخذه هجومه عليهم فى اجتماع جامعة الدول العربية، وكان واضحا كما ذكرت القناة السابعة للتليفزيون الإسرائيلي فى تقرير بثه ظهر الجمعة 12 سبتمبر أن الانتصار الذي حققته حركة حماس على إسرائيل غير موازين القوى داخل الشارع الفلسطيني ودفع عباس للهجوم على حماس خوفا من شعبيتها الجارفة التي أصبحت فى الضفة أكثر من غزة، وفي محاولة أكثر عمقا لفهم تداعيات هجوم محمود عباس على حركة حماس يحتاج الأمر إلى العودة ولو قليلا لبعض تفاصيل المشهد الفلسطيني لنتعرف من خلاله على الدوافع التي تجعل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يشعر أن انتصار حماس في حربها على غزة قد أفقده توازنه الكامل، فمنذ تولي محمود عباس السلطة في منتصف يناير من العام 2005 خلفا لياسر عرفات وهو يعيش ليلا ونهارا على قضية واحدة وهي المفاوضات مع إسرائيل، وطوال تسع سنوات وهذا الملف لم يراوح مكانه لم ينجز منه شيئا سوى جلسات الغداء والعشاء والسهرات التي يقضيها أعضاء الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي مع بعضهما البعض ومع وصول أوباما للسلطة وعدم وجود رؤية واضحة له في سياسة أميركا الخارجية وهذا الملف لا يتحرك ومحمود عباس لا يجد شيئا يتغني به سوى المفاوضات، وإسرائيل لم تقدم له شيئا سوى المعارضة والجدل وفي الفترة الأخيرة وصل هذا الملف إلى طريق مسدود لسببين أولهما أن وزير الخارجية الأميركي المنطفيء صاحب الوجه الصخري جون كيري الذي لم يحقق أي إنجاز فى حياته المهنية في أي قضية لم يتمكن من الضغط على إسرائيل حتى بأقل القليل، والأمر الآخر هو الإنشغال الأميركي بملفات أهم مثل ملف أوكرانيا والصراع مع روسيا فى شبه جزيرة القرم، أو ملف الخروج من العراق أو الملف الجديد وهو ملف داعش، من ثم لم يعد يجد عباس أي اهتمام من الأميركان وفي نفس الوقت لم يقدم له الإسرائيليون أي شيء ولو يسير يقدمه إلى شعبه هذا الفشل الذريع في ملف المفاوضات أغضب عباس من الأميركان والإسرائيليين وبدلا من مواجهاتهم أو استخدام انتصار حماس على إسرائيل كورقة ضغط إذا به يصب جام غضبه على حركة حماس…………………………