تقرير المجلس الأعلى للحسابات يكشف عن ضعف “الشفافية” في تدبير مالية الأحزاب المغربية
كشف تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات، يُعنى بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2023، عن “ضعف الشفافية” في تدبير الموارد المالية والمحاسبية لدى العديد من الأحزاب المغربية. ويُعد هذا التقرير بمثابة جرس إنذار يُسلط الضوء على تحديات جمة تواجه المشهد السياسي، خاصة فيما يتعلق بالالتزام بالقواعد المالية والحكامة الرشيدة.
وأشار التقرير إلى أن ستة أحزاب لم تقدم أي حسابات سنوية خلال سنة 2023، في حين قدم 22 حزباً حساباتهم خارج الآجال القانونية المحددة. هذه الأرقام تعكس استمرار إشكالية عدم الامتثال للقوانين المعمول بها، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذه الأحزاب في تطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة.
كما أظهرت المعطيات استمرار ضعف الرقابة الداخلية ونقص التأهيل الإداري والمالي لدى هذه الهيئات السياسية. فقد تبين أن بعض الأحزاب لم توفر وثائق الإثبات القانونية لمصاريف أساسية، كأجور المستخدمين وكراء المقرات، وهو ما يُعد مؤشراً على هشاشة منظومات التدبير الداخلي لهذه الأحزاب، ويُقوض ثقة المواطنين في أدائها ومصداقيتها. هذا الوضع، حسب مراقبين، يهدد بتقويض جهود ترسيخ الديمقراطية القائمة على الشفافية والحكم الرشيد.
إضافة إلى ذلك، لفت المجلس الأعلى للحسابات إلى أن نسبة كبيرة من نفقات الأحزاب، قُدرت بحوالي 92%، ظلت موجهة نحو مصاريف التسيير، في مقابل استثمارات محدودة جداً في البنية التحتية والتأطير السياسي. هذه النسبة المرتفعة، يرى مراقبون، تؤكد غياب رؤية استراتيجية لتطوير الأداء الحزبي والارتقاء بالممارسة الديمقراطية، مما يعيق تطور البرامج الحزبية وتأطير المواطنين بشكل فعال.
في هذا السياق، شدد المجلس على ضرورة تحديث أنظمة المحاسبة وتعزيز القدرات البشرية والتقنية داخل الأحزاب، بما يسهم في ترسيخ مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة. هذه التوصيات تأتي في سياق يطالب فيه الرأي العام والمجتمع المدني بمزيد من الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام والمالية العمومية، بما في ذلك الدعم الموجه للأحزاب السياسية.