كشفت دراسة حديثة حول ضرب الكرة بالرأس عن تغييرات “بارزة” تحدث في وظائف الدماغ نتيجة التدريب المتكرر على هذه الضربات.
وتُعد الدراسة التي أجرتها جامعة ستيرلينغ، هي الأولى في الكشف عن وقوع تغيرات مباشرة في رؤوس لاعبي كرة القدم بعدما يقومون بالضربات الرأسية بشكل يومي، وتختلف تلك التغيرات عن الإصابات الشديدة للدماغ كالارتجاج.
يذكر أن هذه النتائج جاءت بعد أن ساورت الباحثين المخاوف من تدمير أو تلف أدمغة اللاعبين جراء قيامهم بالضربات الرأسية المتكررة.
من جانبه دُعي جورج كوهين -الفائز بكأس العالم من قبل- لمناقشة قضية إصابات الرأس، إذ انتقد كرة القدم قديمة الطراز المصنوعة من الجلد واصفاً إياها بـ “السيئة”.
وأضاف “لقد توفي جيف أستل، المهاجم البريطاني السابق بفريق وست بروميتش ألبيون عام 2002 عن عمر 59 عاماً بعد معاناته من الخرف المبكر، والذي بحسب الطبيب الشرعي كان بسبب لعب الكرة بالرأس، وكتب الطبيب سبب الوفاة “مرض ناتج عن العمل”.
بعد إعادة الفحص التالي لدماغ أستل، اكتُشف أنه يعاني من المرض العصبي التنكسي المعروف باسم “الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن”، وهو مرض لا يمكن القطع بوجوده إلا بعد الوفاة، كما وُجد في العديد من لاعبي كرة القدم الأميركية والملاكمة والرجبي الراحلين.
كما دعت دون ابنة أستل للقيام بالمزيد من الأبحاث حول هذا الأمر، وأخبرها اتحاد كرة القدم ورابطة لاعبي كرة القدم المحترفين في أواخر عام 2014، أنهم كانوا يتحدثون إلى الفيفا بشأن تلك القضية. والآن أخضع الباحثون مجموعة مكونة من 19 لاعب كرة قدم للاختبار عن طريق ضرب الكرة برؤوسهم 20 مرة.
صُممت الكرة الممررة من الآلة للاعبين لمحاكاة طريقة وقوة الضربة الركنية وأخضع العلماء وظائف العقل والذاكرة لدى اللاعبين للاختبار قبل وبعد جلسات ضرب الكرة في الحال. كما تم وضعهم تحت الاختبار بعد 24 ساعة و48 ساعة وأسبوعين.
كبح جماح قدراتك العقلية
كشفت النتائج عن زيادة في كبح جماح القدرات العقلية بعد جلسة واحدة من ضرب الكرة بالرأس. كذلك قل اختبار الذاكرة ما بين 41% و76% مع عودتها للحالة الطبيعية مرة أخرى خلال 24 ساعة.
ورغم أن التغييرات التي طرأت على الدماغ بعد تكرار ضرب الكرة كانت مؤقتة، إلا أن العواقب التي تقع على الدماغ على المدى الطويل لا تزال قيد الدراسة حتى الآن.
وقالت ماغدالينا إتسوارت الخبيرة في علم الأعصاب والإدراك “في ضوء المخاوف المتزايدة من تأثيرات الرياضة ذات الصلة بالدماغ على صحة العقل، نريد أن ندرس ما إذا كانت أدمغتنا تتفاعل فورياً لحظة ارتطام الكرة بالرأس. لقد وجدنا زيادة في تثبيط وظائف الدماغ على الفور عقب ضرب الكرة بالرأس كما قل مستوى أداء الذاكرة بشكل كبير.
بالرغم من أن التغيرات التي طرأت على وظائف الدماغ كانت مؤقتة، إلا أننا نؤمن بأن لها تأثيراً سلبياً على صحة العقل، وبالأخص إذا كانت تحدث مراراً وتكراراً كما هو الحال في ضرب الكرة بالرأس. ومع هذه الأعداد الكبيرة من الأشخاص حول العالم ممٌن يمارسون الرياضة، فمن المهم أن يكونوا على وعى بالذي يحدث داخل العقل والتأثير الدائم الذي قد تحمله.
من جانبه أوضح الدكتور أنغوس هنتر، من كلية علوم الصحة والرياضة، أنه لأول مرة يرى الرياضيون والجمهور بشكل عام دليلاً واضحاً على المخاطر المرتبطة بالتأثيرات الناجمة عن الضرب المُتكرر للكرة بالرأس. نأمل أن تفتح هذه النتائج مباحث جديدة لكشف ورصد ومنع إصابات الدماغ التراكمية في المجال الرياضي.
الحاجة إلى صحة اللاعبين
وأضاف ” نحتاج إلى أن نحافظ على صحة لاعبي كرة القدم على المدى الطويل على كل المستويات، كذلك صحة الأفراد المشاركين في رياضات تتطلب الاحتكاك الجسدي بما فيها الرأس”.
وقالت دون أستل لصحيفة ” the Mail on Sunday” لست مندهشة من التأثيرات المدمرة المكتشفة لضرب الكرة بالرأس. السؤال الآن، ما الإجراء الذي سيُتخذ؟ وما الذي ستفعله السلطات لحماية أطفالنا؟
وكان كوهين قد أخبر صحيفة “Daily Telegraph” في شهر حزيران الماضي “أنت تشعر بالتعب أحياناً حينما تصطدم الكرة بك، لقد كان وزنها في البداية من 14 إلى 16 أوقية لكن بمرور الوقت أصبح وزنها من 2 إلى 3 رطول. حتى إذا اصطدمت بك على جانب الرأس تكون مؤلمة حقاً. لقد كانت الكرات القديمة سيئة جداً.
أتذكر مرة أنني كنت في حائط الدفاع ضد ركلة حرة وكنت قد حصلت على أمر بالوقوف للتصدي لها. بعض اللاعبين كانوا يضعون رؤوسهم للتصدي للكرة لكني لم أتحرك للخروج عن خط الدفاع، كنت دائماً أعتقد “أن هذا الفعل يقود إلى أذى كبير”.
وأضاف “أنت محمي من قبل جمجمتك لكن ماذا يحدث إذا ارتجّ مخك، أو إذا سقطت الكرة على رأسك من أعلى وأنت لا تزال جالساً في الأرض، سيمر الإحساس من رأسك إلى قدمك”.