المغرب يستعد لصيف 2025 : أكادير ومراكش في سباق نحو التألق … ولكن!

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 

لملاحظ جونال / العربي بن البوط

تتسابق مدينتا أكادير و مراكش الزمن، كلتاهما على طريقتها، استعداداً لموسم صيف 2025 الذي يحمل في طياته آمالاً كبيرة بانتعاش سياحي غير مسبوق، مدعوماً بترقب استضافة المغرب لحدث قاري هام بحجم كأس الأمم الأفريقية.

وبينما تركز أكادير جهودها على تحسين المشهد الحضري الشامل وتجاوز مظاهر العشوائية، تتجه مراكش نحو تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، لكن مع تحديات ملحوظة خارج نطاقها السياحي المعهود.

في أكادير، تبدو الدينامية الميدانية واضحة للعيان، بتعليمات مباشرة من والي الجهة سعيد أمزازي، الذي يدعو إلى تعبئة متواصلة للتصدي لكل ما يمس الأمن العام والصحة البيئية، بالتوازي مع المشاريع التنموية الجارية.

هذه التحركات ليست حملات ظرفية، بل رؤية متواصلة تهدف إلى إضفاء طابع حضري راق ومستدام على مختلف الأحياء، مع تحقيق انخراط فعلي للمجتمع المدني.

الحصيلة النصف شهرية الأخيرة تعكس حجم الجهد المبذول، فمن تزيين واجهات مئات المنازل بمساحات شاسعة، إلى إطلاق مسابقات “الحي النظيف والجميل” لتحفيز المشاركة المجتمعية، وتحرير عشرات الآلاف من الأمتار المربعة من الملك العمومي، ونقل الأشخاص بدون مأوى والمرضى النفسيين إلى مراكز الإيواء، وصولاً إلى حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة، ومصادرة عربات النفايات غير المرخصة، وإمساك مئات الحيوانات الضالة، وتحييد الخنازير البرية.

هذه الإجراءات، وإن كانت تبدو تفصيلية، إلا أنها تشكل مجتمعة ركيزة أساسية لتهيئة المدينة لاستقبال الآلاف من الزوار المتوقعين خلال عطلة الصيف وبطولة إفريقيا، واضعة أكادير تحت مجهر وطني وقاري.

في المقابل، تستعد مراكش، المدينة الحمراء التي لطالما كانت قاطرة السياحة الوطنية، للموسم الصيفي بحزمة من المؤشرات الاقتصادية القوية. فارتفاع الاستثمارات في البنية التحتية السياحية، وتطوير المرافق الجديدة، وزيادة الرحلات الجوية، وعودة السياح من أوروبا وآسيا، كلها عوامل تساهم في تعزيز مكانتها كوجهة مفضلة.

مراكش، بأسعارها المعقولة مقارنة بأوروبا، تسعى لجذب السائحين الباحثين عن تجارب ثقافية فريدة. وتشير التوقعات إلى نمو يتراوح بين 5% و8% في القطاع السياحي بالمدينة خلال عام 2025. وتتضافر جهود القطاعين العام والخاص لتوسيع الخدمات، مع استثمارات كبيرة في الفنادق الفاخرة والمنتجعات .

وتواصل السلطات المحلية والمكتب الوطني المغربي للسياحة دعم الدينامية التي تعرفها الجهة، عبر حملات ترويجية ودعم جوي موجه لتعزيز مكانة مراكش كقاطرة فعلية للسياحة. كما تشهد المدينة جهوداً مستمرة في برامج “مدن بدون صفيح” وإعادة تأهيل المناطق العتيقة، مما يعكس حرصها على تحسين المشهد الحضري بشكل عام.

إلا أن التركيز الواضح لمراكش على المدينة العتيقة وحي جليز، وهو أمر مفهوم بالنظر لأهميتهما السياحية، يثير تساؤلات حول باقي مقاطعات المدينة. ففي هذه الأحياء الشعبية والمكتضة بالسكان، مثل المنارة،  المحاميد، سيدي يوسف بن علي ، الداوديات … تنتشر معضلة احتلال الملك العمومي  بشكل واسع، دون أي تنظيم يذكر.

و يبدو أن غياب الدور الفعال للسلطات المحلية والمنتخبة في هذه المناطق قد ترك المجال للمستغلين من أصحاب المقاهي والمحلات التجارية والباعة المتجولين للتصرف في الملك العمومي حسب هواهم. هذا الواقع يؤدي إلى انتشار مظاهر عشوائية و”بداوة” لا تتناسب مع الصورة التي تسعى مراكش لتسويقها كوجهة سياحية عالمية.

بينما تعمل أكادير على محاربة كل مظاهر العشوائية على نطاق واسع، يبدو أن مراكش تحتاج إلى توسيع نطاق تدخلاتها لتشمل جميع أحيائها، لضمان أن يكون المشهد الحضري للمدينة متناسقًا وجذابًا بالكامل، وليس فقط في مناطقها السياحية البارزة.

ورغم اختلاف طبيعة جهود المدينتين، حيث تركز أكادير بشكل أكبر على الجانب الميداني والتصدي للمظاهر السلبية المباشرة في جميع أرجائها، بينما تستفيد مراكش من زخم بنيوي وتاريخي راسخ معزز باستثمارات كبرى في مناطقها السياحية الأساسية، إلا أن الهدف المشترك يبقى واحداً: تقديم أفضل صورة للمغرب لزواره.

أكادير تعمل على ترسيخ ثقافة نظافة الفضاء العام وتحقيق تحول جذري في وعي المجتمع، في حين تسعى مراكش إلى تثبيت موقعها كوجهة عالمية رائدة عبر تعزيز بنيتها التحتية وتنوع عروضها السياحية، لكنها تواجه تحدي ضمان جودة المشهد الحضري في جميع أحيائها.

كلتا المدينتين تدركان حجم التحدي والفرصة المتاحة مع اقتراب الأحداث الكبرى، وتتجهان بخطى حثيثة نحو تحقيق الانخراط المجتمعي والمؤسساتي اللازم لضمان نجاح هذا الموسم وتحقيق إشعاع دولي يليق بالمملكة .

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.