شروق الشمس يوقظ جيش المناعة … دراسة نيوزيلندية تكشف سر تعزيز فعالية الجسم ضد العدوى
كشفت دراسة علمية حديثة، أجراها باحثون في جامعة أوكلاند النيوزيلندية، عن اكتشاف مبهر يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين ضوء النهار وفعالية الجهاز المناعي، مما يفتح آفاقاً جديدة في فهمنا لكيفية مقاومة الجسم للعدوى.
هذه النتائج، التي تم نشرها في “Science Immunology”، تؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه الإيقاعات البيولوجية والتعرض للضوء الطبيعي في تعزيز خط الدفاع الأول للجسم.
ركزت الدراسة على الخلايا العدلة (النيتروفيلات)، وهي النوع الأكثر وفرة من خلايا الدم البيضاء، وتُعد بمثابة الحارس الأمامي للجهاز المناعي، حيث تتدخل بسرعة لمواجهة الميكروبات الغازية.
ما اكتشفه الباحثون هو أن نشاط هذه الخلايا وكفاءتها في مكافحة البكتيريا والفطريات يزداد بشكل ملحوظ خلال ساعات الصباح، وهي الفترة التي تتعرض فيها الكائنات الحية لأعلى مستويات الضوء الطبيعي.
يُشير الباحثون إلى أن الخلايا المناعية، بما في ذلك الخلايا العدلة، تعمل وفق إيقاع يومي (Circadian Rhythm) محدد، يتأثر بشكل مباشر بتقلبات الضوء والظلام على مدار اليوم.
هذا الإيقاع البيولوجي، الذي يُعرف بـ “الساعة البيولوجية” الموجودة في معظم خلايا الجسم، يلعب دورًا حاسمًا في تنظيم النشاط المناعي. وقد أثبتت التجارب أن ضوء النهار يُحفز هذه الخلايا لتكون أكثر جاهزية وقدرة على القضاء على مسببات الأمراض.
تُقدم هذه النتائج دليلاً قاطعًا على أن الضوء ليس مجرد عامل خارجي يؤثر على دورة النوم والاستيقاظ، بل هو عنصر أساسي في ضبط الإيقاع الحيوي للخلايا المناعية، وبالتالي ينعكس على فعالية الاستجابة المناعية للجسم.
هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية ووقائية جديدة، تستهدف تنظيم “الساعة البيولوجية” في الخلايا المناعية لتعزيز قدرتها على مكافحة الالتهابات والأمراض المعدية.
تُسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية تحقيق التوازن بين التعرض الكافي لضوء النهار والراحة الجيدة. فبالنظر إلى أن الخلايا العدلة هي أولى الخلايا المناعية التي تستجيب لمواقع الالتهاب، فإن فهم كيفية تأثير الضوء على إيقاعها اليومي يحمل دلالات واسعة النطاق للعلاج في العديد من الأمراض الالتهابية.
إن هذا البحث يمهد الطريق لتطوير أدوية تستهدف الساعة البيولوجية في الخلايا العدلة لتعزيز قدرتها على مكافحة العدوى، مما قد يُحدث ثورة في مجال الطب الوقائي والعلاجي.