تقرير استخباراتي إسباني يكشف عن نفوذ متطرفي البوليساريو داخل الجماعات الإرهابية بالساحل
كشفت تقارير استخباراتية أوروبية، من بينها تقرير حديث صادر عن المركز الوطني للاستخبارات الإسبانية (CNI)، عن تحوّل مقلق في طبيعة التهديدات الأمنية القادمة من منطقة الساحل، حيث تأكد تورّط عناصر متشددة من جبهة البوليساريو في نشاط الجماعات الإرهابية، خصوصًا تنظيمي القاعدة و”داعش”، ما يفاقم المخاطر التي تتهدد استقرار المنطقة وأمن الضفة الأطلسية للقارة الإفريقية.
وحسب المعطيات الميدانية التي أوردتها وسائل إعلام إسبانية استنادًا إلى مصادر أمنية، فإن مخيمات تندوف الواقعة فوق التراب الجزائري أصبحت بمثابة نقطة انطلاق لبعض الكوادر المتطرفة، التي تلتحق بمعسكرات الجهاد المسلح في شمال مالي والنيجر وبوركينا فاسو. الأخطر، أن بعض هؤلاء تقلدوا مناصب قيادية داخل التنظيمات الإرهابية، في مؤشر على تنامي النفوذ العقائدي والعملياتي لهذه الشبكات.
التقرير أشار أيضًا إلى معطى لافت، يتعلق بمشاركة عدد من المتشددين في برامج “عطل السلام” التي تنظمها جمعيات إنسانية في إسبانيا، حيث استضافوا سابقًا أطفالًا من مخيمات تندوف. هذه التجربة، وفق التقرير، مكّنتهم من اكتساب معرفة ثقافية ولغوية بالمجتمع الإسباني، ما يزيد من مستوى التهديدات المحتملة داخل أوروبا، خاصة في ظل تصاعد القلق من تسلل المتطرفين إلى الداخل الأوروبي بواجهات مدنية أو إنسانية.
منطقة الساحل.. بؤرة قابلة للانفجار
تؤكد المخابرات الإسبانية أن الوضع الأمني في منطقة الساحل بلغ درجة عالية من الهشاشة، حيث تسيطر جماعات مسلحة على مساحات شاسعة، وتتحرك خارج أي إطار قانوني. ويبرز من بين هذه الجماعات تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين” الساعي إلى التمدد نحو دول المغرب الكبير، و”داعش – ولاية غرب إفريقيا” التي توصف بأنها أكثر عدوانية وتضم عناصر متمرّسة، بعضها ينحدر من خلفيات مرتبطة بمخيمات تندوف.
وحذر التقرير من أن الأوضاع مرشحة لمزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة، خصوصًا بعد تسجيل سلسلة هجمات منسقة في يونيو الجاري، استغلت فيها التنظيمات المتطرفة الانشغال المجتمعي بعيد الأضحى، وهاجمت مواقع عسكرية استراتيجية، وهو ما يؤكد الاستعدادات العملياتية لهذه الجماعات.
كما برز اسم “إياد أغ غالي” كقائد رئيسي للتمرد الجهادي في المنطقة، يقود شبكة مكوّنة من أكثر من 6000 مقاتل، أغلبهم موزعون على الحدود المالية-النيجيرية، وبعضهم من حملة فكر البوليساريو المتطرف.
روابط ثقافية تُقلق مدريد
في سياق متصل، أكدت السلطات الإسبانية أن عدداً من المتورطين المحتملين في التخطيط أو التحريض على العنف، يملكون علاقات مباشرة أو قرابة أسرية مع شخصيات معروفة في البوليساريو. هذا الارتباط المزدوج، الجغرافي والأيديولوجي، بات مصدر قلق أمني واضح داخل أوروبا، خاصة بعد توقيف شخصين في إقليم الباسك، يواجهان تهمًا تتعلق بـ”تمجيد الإرهاب والدعاية للعنف الجهادي”.
مطلوب يقظة جماعية
المؤشرات المتقاطعة تؤكد أن منطقة الساحل بصدد التحول إلى قاعدة خلفية للمتطرفين، بفضل تغلغل عناصر ذات روابط عابرة للحدود، مثل عناصر البوليساريو، التي تستفيد من الفراغ الأمني ومن الحماية غير المباشرة في المخيمات.
في ظل هذا الوضع، يدعو مراقبون إلى إعادة تقييم التهديدات القادمة من جنوب المتوسط، والتنسيق الوثيق بين الدول الأوروبية والمغاربية لرصد تحركات العناصر المشبوهة وتضييق الخناق على منابع التطرف، التي باتت تتخذ من قضايا مثل “النزاع في الصحراء” غطاءً لتمددها الأيديولوجي والعسكري.