“مخطط المغرب الأخضر” … ألف مليار تبخرت و الإكتفاء الذاتي في خبر كان

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في سنة 2009، حين أعلن عزيز اخنوش وزير الفلاحة آنذاك عن إطلاق ما عُرف بـ”المخطط الأخضر”، كان الوعد واضحًا وصريحًا،  تحقيق الاكتفاء الذاتي للمغاربة في الخضر، الحبوب، وزيت الزيتون، وتحديث القطاع الفلاحي وجعله رافعة للاقتصاد الوطني.

ولتحقيق هذا الحلم، تم تخصيص ألف مليار سنتيم من المال العام،  لكن بعد مرور أكثر من 15 سنة، ماذا تحقق من تلك الوعود؟ وأين ذهبت كل تلك الميزانيات الضخمة؟

بعيدًا عن لغة الأرقام المجمّلة والتقارير الرسمية المطمئنة، يعيش المواطن المغربي اليوم واقعًا صعبًا، أسعار الخضر والحبوب وزيت الزيتون ارتفعت بشكل غير مسبوق، القطيع الوطني تراجع بشكل مقلق، الفلاح الصغير والمتوسط اختنق تحت وطأة التهميش وغياب الدعم، والمستهلك المغربي أصبح أسير أسعار صاروخية لا ترحم جيبه، لا في السوق الأسبوعي ولا في المتاجر الكبرى.

احتكار السوق… وتحطيم الفلاح الصغير

رغم ما رُوّج له من أهداف اجتماعية وتنموية، انصبّ تركيز المخطط الأخضر على إنشاء شراكات مع شركات وطنية وأجنبية في مجالات التقنيات الفلاحية والتصدير، ما أدى إلى احتكار السوق من طرف فئة محدودة من كبار المستثمرين، على حساب الفلاحين الصغار الذين يشكلون العمود الفقري للفلاحة الوطنية.

هذه الشراكات، التي كان من المفترض أن تُحدث نقلة نوعية في الإنتاج المحلي، تحوّلت إلى أدوات سيطرة ونفوذ اقتصادي، سمحت لكبار الفاعلين بالاستحواذ على الأراضي، التمويل، والأسواق، بينما تُرك الفلاح البسيط لمصيره.

الشعب يدفع الثمن

المفارقة الصادمة أن ارتفاع الأسعار لم يكن نتيجة مباشرة لقلة التساقطات فقط كما يُروّج، بل بسبب غياب بنية تدبير فعالة للمخزون الاستراتيجي، وفشل الدولة في تنظيم سلاسل التوزيع وضمان الاستقرار الغذائي.

لقد وُعد المواطن بالاكتفاء الذاتي، فإذا به يواجه أسواقًا ملتهبة، ولحومًا بأسعار تفوق قدرته، وحبوبًا مستوردة رغم أنف الأراضي الخصبة.

فشل بلا محاسبة

إن أكبر خطر يواجه أي مشروع وطني هو غياب آلية الرقابة والمحاسبة. والمخطط الأخضر، رغم فشله الواضح في بلوغ أهدافه، لم يخضع حتى الآن لأي تقييم مؤسساتي مستقل، ولا تحقيق برلماني جدي، رغم أن ميزانيته الضخمة مصدرها المال العام.

في المقابل، لا يزال المواطن المغربي يتساءل عن من يتحمّل مسؤولية إضعاف القطيع الوطني؟ كيف تبخرت ميزانية المخطط الأخضر دون تحقيق أهدافه؟ ولماذا لم نرَ أي محاسبة تُعيد الثقة في السياسات العمومية؟

المستقبل رهين بالجرأة في التغيير

ما يحتاجه المغرب اليوم ليس مخططات جديدة بأسماء لامعة، بل مراجعة شجاعة لما فشل سابقًا، ربط حقيقي للمسؤولية بالمحاسبة، وعودة الدولة لدورها الأساسي لحماية الفلاح البسيط، وتأمين القوت اليومي للمواطن، وتحرير السوق من قبضة الاحتكار.

المخطط الأخضر فشل… والمحاسبة غائبة… والاكتفاء الذاتي ما يزال حلمًا بعيد المنال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.