بلجيكا تُشدّد شروط الحصول على الجنسية و تحديات جديدة تواجه المغاربة
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الحكومة البلجيكية عن حزمة من الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تشديد شروط الحصول على الجنسية البلجيكية، مستهدفة بشكل خاص الأجانب، ومن بينهم الجالية المغربية الكبيرة.
هذه التغييرات، التي وصفتها الحكومة بأنها “أشد سياسة لجوء شهدتها البلاد على الإطلاق”، تأتي في إطار توجه يميني تسعى من خلاله وزيرة اللجوء والهجرة، آنلين فان بوسويت، المنتمية لحزب N-VA، إلى ملائمة قانون الحنسية البلجيكي مع سياسات التجنيس في دول أوروبية أخرى.
ارتفاع الرسوم واختبارات إلزامية: عوائق جديدة في الطريق
وفقاً لما أورده موقع HLN البلجيكي، شهدت رسوم معالجة طلبات الجنسية ارتفاعاً كبيراً، حيث قفزت من 150 يورو إلى 1000 يورو. وتبرر الوزيرة “فان بوسويت” هذا الارتفاع بالقول إن الحصول على الجنسية الهولندية يكلف 1091 يورو، بينما يتجاوز المبلغ 1800 يورو في بريطانيا، مما يجعل بلجيكا في موقف متساوٍ مع هذه الدول.
ولم تقتصر الإجراءات الجديدة على الزيادة في الرسوم فحسب، بل شملت أيضاً فرض متطلبات إضافية. أصبح الآن اجتياز اختبار لغوي بمستوى لا يقل عن B1 شرطاً إلزامياً، إلى جانب اختبار في المواطنة البلجيكية. تهدف هذه الخطوات، بحسب المسؤولين، إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية لدى طالبي الجنسية، والتأكيد على أن الحصول عليها ليس مجرد إجراء إداري روتيني، بل هو امتياز يتطلب التزاماً حقيقياً.
“الجنسية مسؤولية”: رسالة الحكومة الواضحة
في تعليقها على هذه القرارات، شددت الوزيرة “فان بوسويت” على أن “الجنسية البلجيكية تعني الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا الامتياز لا يمكن منحه تلقائياً. و لا بد من أن يرافقه شعور بالمسؤولية، وخصوصاً على المستوى المالي”.
تعكس هذه التصريحات بوضوح التوجه الحكومي نحو جعل عملية التجنيس أكثر صرامة وأقل تلقائية.
الإقامة المطولة وقلق الجاليات الأجنبية
ينص مشروع القانون الجديد، الذي سيتم نشره قريباً في الجريدة الرسمية تمهيداً لدخوله حيز التنفيذ، على شرط إقامة صارم للمتقدمين الذين لم يولدوا في بلجيكا. حيث سيلزمون بالإقامة داخل البلاد لمدة لا تقل عن خمس سنوات قبل تقديم طلب الحصول على الجنسية.
يُشار إلى أن هذا التشدد يعكس رغبة جناح واسع من اليمين البلجيكي في الحد من وتيرة التجنيس، حيث كان وزير الدفاع البلجيكي الحالي، “ثيو فرانكن”، وهو أيضاً من حزب N-VA، قد اقترح خلال المفاوضات الحكومية رفع الرسوم إلى 5000 يورو، مما يؤكد مدى الإصرار على هذا التوجه.
وأثارت هذه الإجراءات الجديدة حسب مراقببين قلقاً بالغاً في صفوف الجاليات الأجنبية المقيمة في بلجيكا، وخصوصاً الجالية المغربية، التي تُعد واحدة من أكبر الجاليات في البلاد. و يخشى الكثير من أفرادها أن تتحول الجنسية البلجيكية، في ظل هذه الشروط المشددة، إلى حلم بعيد المنال، مما سيؤثر على استقرارهم ومستقبلهم في بلجيكا.