وثائق الظل: إسبانيا تفتح أرشيف المسيرة الخضراء بعد 45 عامًا من الصمت
في خطوة غير مسبوقة، تستعد الحكومة الإسبانية لرفع السرية عن آلاف الوثائق التي تعود إلى ما قبل سنة 1982، في مقدمتها ملفات حساسة تتعلق بالصحراء المغربية والمسيرة الخضراء، وهي الخطوة التي أعادت من جديد تسليط الضوء على واحدة من أكثر المحطات حساسية في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية.
ورغم مرور 45 عامًا على انسحاب إسبانيا من الأقاليم الجنوبية، ما زال كثير من التفاصيل الدقيقة حول تلك المرحلة مطمورة في أرشيفات الدولة الإسبانية، ومحجوبة عن الأنظار. غير أن القانون الجديد، الذي ينص على تحديد سقف السرية في 45 سنة كحد أقصى، سيفتح الباب أمام الباحثين والمؤرخين ووسائل الإعلام، للنبش في تلك الملفات وكشف ما خفي من وقائع واتصالات وتفاهمات تمت في كواليس السياسة والدبلوماسية.
الملف، كما تشير مصادر إعلامية إسبانية، سيكون محط اهتمام خاص من طرف الباحثين المغاربة، الذين لطالما طالبوا بالاطلاع على الوثائق الرسمية التي توثق للموقف الإسباني إبان مرحلة التسليم، وأدوار بعض الأطراف الدولية، ناهيك عن الاتصالات التي جرت بعيدًا عن الأضواء، سواء مع المغرب أو مع جهات أخرى.
رفع السرية عن هذه الوثائق، لا يخلو من حساسية سياسية، خاصة وأن بعض الملفات قد تتعلق بتفاهمات غير معلنة، أو تضارب في المواقف الرسمية، ما قد يدفع نحو مراجعات جديدة في سردية الأحداث، سواء داخل إسبانيا أو خارجها.
لكن، وبين التفاؤل بكشف الحقيقة، والحذر من التلاعب أو “التطهير التاريخي”، تبرز مخاوف جدية من أن بعض الوثائق قد لا ترى النور أبدًا، إما بدعوى تهديد الأمن القومي، أو بسبب ضياعها في ظروف غامضة خلال مراحل سابقة. وهذا ما يجعل الرهان اليوم لا يتعلق فقط بإفراج شكلي عن الوثائق، بل بضمان شفافيتها ومصداقيتها وأثرها الفعلي في إنارة الطريق أمام الأجيال لفهم تاريخها كما وقع، لا كما رُوي.
في المحصلة، يبدو أن التاريخ بدأ يُعيد ترتيب أوراقه، وأن ما كان يُعتبر منتهياً قد يتحول مجددًا إلى موضوع للنقاش والتأمل… وربما لإعادة التقدير السياسي.