الحموشي يرسّخ مبدأ التداول المؤسساتي من خلال حركة تعيينات جديدة شملت 24 منصب مسؤولية
في خطوة تعكس رؤية استراتيجية متقدمة في تدبير الشأن الأمني، أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني، تحت إشراف مديرها العام السيد عبد اللطيف الحموشي، حركة تعيينات جديدة همّت 24 منصب مسؤولية، موزعة بين المصالح المركزية والجهوية، وذلك يوم الأربعاء 6 غشت 2025.
هذه الحركة لا تندرج في خانة التنقيلات الروتينية، بل تعبّر عن توجه متجدد يروم تكريس مبدأ التداول على المناصب كخيار مؤسساتي دائم، يهدف إلى تعزيز الحكامة الجيدة، وتحقيق الفعالية الميدانية، وتجديد الدماء داخل الأجهزة الأمنية بما يواكب المتغيرات المتسارعة ويعزز جاهزيتها العملياتية.
كفاءات جديدة بمواقع استراتيجية
التحركات الأخيرة شملت تعيين أطر متمرسة ذات خبرة ميدانية عالية، على رأس مصالح أمنية في مدن ذات حساسية استراتيجية مثل بني ملال وتازة وخريبكة. هذا التوجه يعكس إيمان الإدارة العامة للأمن الوطني بأن المسؤولية ليست امتيازًا ثابتًا، بل تكليفًا يتجدد بحسب الكفاءة والنتائج المحققة على الأرض.
تعزيز دور المرأة في المنظومة الأمنية
اللافت في هذه التعيينات هو حضور المقاربة التشاركية وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص، حيث تم تعيين نساء في مناصب قيادية مركزية وجهوية، في دلالة واضحة على إيمان المؤسسة الأمنية بجدارة المرأة وكفاءتها. وقد تم تنصيب رئيسة على مصلحة التدبير المعلوماتي لدوائر الشرطة (GESTARR)، إلى جانب تعيين رئيسة للمصلحة الإقليمية للعمل الاجتماعي بالجديدة، ما يبرز انفتاح المؤسسة على التنوع والحداثة بعيدًا عن الأشكال الرمزية أو التمثيلية الشكلية.
بُعد استباقي استعدادًا للاستحقاقات الكبرى
لم تغب الرؤية الاستراتيجية عن تفاصيل هذه التعيينات، إذ جاءت متزامنة مع التحضيرات الوطنية لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030. وتم في هذا السياق إسناد قيادة مصالح الأمن الرياضي في ولايتي أمن فاس وطنجة لأطر مؤهلة، بما يضمن استعدادًا مهنيًا عاليًا لمواكبة التظاهرات الدولية الكبرى من الناحية الأمنية والتنظيمية.
توزيع متوازن وتكريس للعدالة المجالية
شملت التعيينات الجديدة عددًا من المدن والجهات، من بينها ورزازات، الرشيدية، مراكش، مكناس، كلميم، أكادير، سلا، الدار البيضاء وقرية با محمد، بما يعكس حرص الإدارة العامة على ضمان تغطية شاملة ومتوازنة في جميع ربوع المملكة، وتجسيد مفهوم العدالة المجالية في توزيع الكفاءات الأمنية.
التداول على المناصب: ثقافة داخلية لا قرار ظرفي
ما يميز هذه الحركة، ليس فقط حجمها أو طبيعة المناصب التي شملتها، بل الفلسفة التي تحكمها. فالتداول على المسؤوليات داخل المديرية العامة للأمن الوطني أصبح جزءًا من الثقافة المؤسساتية، وليس إجراءً ظرفيًا أو استثنائيًا. وهو توجه يرسّخ قواعد العمل المؤسساتي الناضج، ويمنح فرصًا حقيقية للكفاءات الشابة للارتقاء وتحمل المسؤولية، في إطار من الشفافية والصرامة والانضباط.
نحو نموذج يمكن تعميمه
التجربة التي تقودها المديرية العامة للأمن الوطني تحت إشراف عبد اللطيف الحموشي، تمثل نموذجًا يحتذى في التدبير الإداري والوظيفي، حيث أصبح التداول على المناصب رافعةً لتحفيز الأداء، وضمان استمرارية العطاء، وتجويد الخدمات الأمنية المقدّمة للمواطن. وهي مقاربة من شأنها أن تلهم باقي المؤسسات والإدارات العمومية، في أفق تجاوز ثقافة الجمود الإداري وتكريس روح التحديث والتجديد.