الصمت الرسمي في مواجهة انتقادات الصيف… هل تتحمّل المؤسسات مسؤوليتها؟
بقلم: عزيز رباح
في عز موسم الصيف، يتصاعد الجدل على منصات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام حول قضايا حساسة تهم صورة المغرب وارتباط جاليته بالوطن. وبين ضعف التفاعل المؤسسي وتكاثر الروايات، يجد المواطن نفسه حائرًا بين الإشاعة والحقيقة، بينما تلوذ الجهات المعنية بالصمت، وكأن الأمر لا يعنيها.
القضية الأولى التي أثارت نقاشًا واسعًا تتعلق بما يُوصف بضعف إقبال مغاربة العالم على زيارة بلادهم هذا الصيف، رغم تأكيد الأرقام الرسمية على عكس ذلك. منشورات عديدة، تعليقات، وفيديوهات توثق لتوجه عدد مهم من الجالية نحو وجهات أخرى، أو تأجيل زيارتهم للمغرب، مبررين ذلك بغلاء الأسعار وسوء الخدمات، وهو ما يرتبط مباشرة بالقضية الثانية.
هذه الأخيرة تهمّ الارتفاع الكبير في أسعار الفنادق، والمطاعم، والمقاهي، وحتى النقل الجوي والحضري، خاصة في المدن السياحية. وإلى جانب الغلاء، يشكو الكثيرون من تردي جودة الخدمات، مقارنة بما توفره وجهات سياحية منافسة، وبأسعار أكثر معقولية.
قد تكون بعض هذه الادعاءات مبالغًا فيها، وربما من ورائها جهات ذات أجندات خاصة. لكن الأكيد أن صمت المؤسسات المعنية وتعاملها البارد مع هذه الأصوات لا يخدم لا الوطن ولا صورته. بل إن غياب التوضيح، أو التفاعل المقنع، يعزز فرضية التواطؤ أو اللامبالاة، ويترك المجال مفتوحًا أمام الإشاعة لتتحول إلى “حقيقة” في أذهان الناس.
المطلوب اليوم ليس فقط التفاعل، بل الحضور القوي والتواصلي للمؤسسات. فإن كانت هذه الانتقادات صحيحة، فالمسؤولية تقتضي الاعتراف، واتخاذ قرارات جريئة لمعالجة مكامن الخلل. وإن كانت مغلوطة، فيجب الرد بحزم، حماية لسمعة البلد، وتوضيح الصورة للرأي العام.
صمت المسؤولين، كما الإشاعة، يغذي الشك واليأس ويقوّض ثقة المواطن. والفراغ الإعلامي الذي يتركه الإعلام الرسمي، يفسح المجال للمصادر غير الموثوقة، ويجعل الوطن يدفع ثمن غياب تواصل فعّال ومهني.
في السياقات الحساسة، لا يكون الصمت حكمة، بل مبررًا لاتهامات قد تتحول إلى قناعات. والمطلوب من المؤسسات أن تثبت حضورها، لا أن تكتفي بدور المتفرج.