يستعد المغرب لتنفيذ تعويم تدريجي لعملته الدرهم على مراحل انطلاقا من العام المقبل، ويثير هذا القرار تساؤلات وتخوفات من تداعياته على الاقتصاد المحلي والقدرة الشرائية للمواطنين، في حين يقول صندوق النقد الدولي إن العملة المغربية لن تهبط فور تنفيذ قرار التعويم.
وقال رئيس بعثة النقد الدولي إلى المغرب نيكولا بلانشيه عقب انتهاء زيارته، أول أمس الخميس، للبلاد إن الدرهم لن يهبط فور تبني البنك المركزي لنظام مرن لسعر الصرف، مضيفا أن إصلاح نظام سعر الصرف سيكون تدريجيا ولا نتوقع تقلبات لأن جميع الظروف اللازمة للانتقال السلس متوافرة.
وأشار مسؤول بعثة النقد الدولي إلى أن الرباط اختارت الوقت المناسب لبدء إصلاح نظام سعر الصرف، مشيرا إلى أن هبوط أسعار النفط أسهم في تعزيز المالية العامة، وتحصل البنك المركزي على احتياطي كبير من الاحتياطي النقدي، إذ ستغطي ثمانية أشهر من المستوردات.
الوضع الحالي
وسعر الصرف الحالي للدرهم مربوط عند مستوى مرجح باليورو بنسبة 60 في المائة وبالدولار بنسبة 40 في المائة، ويخطط البنك المركزي المغربي لتخفيف هذا الربط والسماح للعملة بالتداول في نطاق ضيق.
وسيتم توسيع نطاق تداول العملة تدريجيا في أفق التخلي الكامل عن نظام سعر الصرف الثابت في غضون سنوات قليلة بناء على رد فعل الاقتصاد المغربي، وبالتوازي مع مسار تعويم العملة سيعمل البنك المركزي على تنفيذ سياسة استهداف مستوى محدد للتضخم بغية ضبط الأسعار التي ستتأثر بالتعويم التدريجي للعملة.
ويقول اقتصاديون مغاربة إنه سيكون لقرار تعويم العملة إيجابيات وسلبيات ترتبط درجتها بسياسات السلطات وأداء الاقتصاد المحلي، ويقول الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي إدريس الفينة إن قرار التعويم قرار عقلاني ولكن أضراره على الاقتصاد المحلي ستكون أكبر من فوائده لأن الأخير غير مستعد له.
وتوقع الفينة أن تقل قيمة صادرات البلاد عقب تنفيذ القرار وهو ما سيقلص إيرادات الخزينة بشكل كبير.
أسعار المستوردات
وأضاف الفينة أن المواطنين سيتأثرون بهذا التعويم التدريجي لأن أسعار التجهيزات المنزلية المستوردة سيرتفع، وكذا المواد الأولية التي يستوردها المغرب لإنتاج السلع الغذائية وهو ما سيزيد من أسعارها.
ويشير الاقتصادي إلى أن كلفة مواد الطاقة التي يعتمد المغرب على استيراد كافة حاجياته منها تقريبا ستزيد وبالتالي سترتفع الأعباء على القطاع الصناعي وتقل إيراداته.
ويرى الاقتصادي المغربي أن المغرب سيستفيد من قرار التعويم من جانبين، أولهما ارتفاع القيمة المضافة للقطاع السياحي لأن كلفة المعيشة في المغرب ستقل بالنسبة للسائح الأجنبي عقب تعويم الدرهم، كما سترتفع قيمة تحويلات المغتربين المغاربة تبعا لانخفاض قيمة العملة.
وتوقع المحلل المالي الطيب أعيس الذي يدير مكتب استشارات مالية أن تتضرر جيوب المغاربة من قرار التعويم إذا لم يواكب الاقتصاد هذا القرار، وكان يستورد أكثر بكثير مما يصدر، وإذا تزامن هذا القرار مع هزة دولية متمثلة في ارتفاع كبير لأسعار النفط.
وشدد أعيس على ضرورة توافر شروط لكي يجني المغرب فوائد التعويم التدريجي لعملته، وذلك لمواجهة الصدمات الاقتصادية الخارجية التي ستنتقل بسرعة الاقتصاد المحلي، مضيفا أن اعتماد البلاد منذ عقود على نظام سعر الصرف الثابت خفف كثيرا من وطأة الصدمات الخارجية.
وأضاف أعيس أن البلاد ستستفيد من تعويم الدرهم إذا كان اقتصادها قويا ويمتلك قوة تصديرية كبيرة، فضلا عن توفر قطاع مصرفي قوي لأنه هو من يدير مخاطر الصرف، وامتلاك البنك المركزي احتياطيا نقديا مريحا.