بين الملاعب وصناديق الاقتراع: هل يزاحم شغف الكرة المشاركة الانتخابية؟
تحتل كرة القدم مكانة خاصة في الوجدان المغربي، حيث تنجح في تعبئة مشاعر جماعية واسعة وتوحيد الاهتمام العام، خاصة مع توالي الإنجازات الرياضية والاستعداد لاحتضان تظاهرات قارية ودولية كبرى. هذا الحضور القوي يطرح، مع كل محطة انتخابية، تساؤلاً متجدداً حول مدى تأثير الشغف الكروي على إقبال المواطنين، خصوصاً الشباب، على التسجيل في اللوائح الانتخابية.
في المقابل، تعاني المشاركة السياسية من فتور ملحوظ، يرتبط أساساً بتراجع الثقة في جدوى الفعل الانتخابي، أكثر مما يرتبط بمنافسة مباشرة مع كرة القدم. فالملاعب تقدم نتائج فورية وإحساساً واضحاً بالانتماء والانتصار، بينما تبدو السياسة، في نظر كثيرين، مجالاً معقداً وبطيء الأثر، لا ينعكس مباشرة على الحياة اليومية.
غير أن كرة القدم لا تشكل سبب العconfirm عزوف المواطنين، بقدر ما تملأ فراغاً رمزياً تتركه السياسة حين تعجز عن الإقناع والتعبئة. بل يمكن اعتبارها رافعة محتملة لتعزيز الوعي المدني، إذا ما تم توظيف شعبيتها في ترسيخ قيم المشاركة والمسؤولية الجماعية.
إن التحدي الحقيقي لا يكمن في الحد من شغف المغاربة بكرة القدم، بل في إعادة الاعتبار للتسجيل في اللوائح الانتخابية كمدخل أساسي للمواطنة الفاعلة. فكما يُراهن على التنظيم والنجاح في المجال الرياضي، يبقى الرهان أكبر على بناء ثقة تجعل من صناديق الاقتراع فضاءً موازياً للتعبير الجماعي وصناعة المستقبل.