تمثل قضية الصحراء المغربية أيقونة ذات حمولة وطنية تأبى المزايادات والرهانات الفاسدة ،ولا تعيش على فتات إستجداء مناضلي المكيجة والمساحيق الاشهارية يقضون نهارهم مغاربة بينما يغازلون ليلهم أحضان الخيانة يغازلون الأطراف المعادية للوطن تفاعل المغاربة مع ملف الصحراء بكل أطيافهم السياسية وشرائحهم المدنية/الاجتماعية يكشف الرؤية المشتركة بين ملك يناضل من أجل وحدة المغرب وشعب يتماهى على الدوام مع موروث تاريخي شكل مصيرا مشتركا يتعملق في السراء والضراء وحين البأس.
وإذا كان جلالة الملك قد فجر في خطاب المسيرة الأخير المسكوت عنه والذي ظل على الدوام موضع تساؤلات عريضة أملتها اكراهات ظرفية فإن المغاربة اختاروا التجانس السلمي مع الوضع الجديد وتأقلموا معه لروح وطنية متجدرة بالوفاء للوطن دون ابداء تبرم من ضغط الحاجة الطاحنة معولين على المساهمة تنمية الأقاليم الصحراوية رغم الاكراهات المتواثرة في إطار الفهم الواعي لحاجيات سكان المنطقة إنسجاما مع مبدإ الإيثار المعهود في المغاربة قاطبة .
والملاحظ أن هذا الوضع خلق مواطنين جدد تشربوا الريع والامتيازات فأصبحوا يشكلون لوبيات تقتات من معاناة الاسر المغربية ومع ذلك فقد أنخرط المواطنون وبإصرار في في المشروع التنموي للأقاليم الصحراوية فحولوا رمالها تبر وذهب وحولوا وحشية اراضيها الى جنات ذات زرع وضرع كما حولوا اكواخها وخيمها الى قصور وإعمار.
ورغم هذا الانخراط الناجم عن قناعة المغاربة بالتضامن والتآزر – وهي بالمناسبة قيم يفتقر اليها بعض الجيران المناوئين لوحدة المغرب – فقد قلب البعض ظهر المجن إلى اليد التي أطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف وغدوا يجهرون بعداوتهم المبيتة ضد الدولة التي رأوا نبعتهم فيها وتشربوا ينابيع خبرها فأستأسدواعلى الاهل والخلان واظهروا ما كانوا يبدون متنكرين لوطنهم وآثروا الدس والكيد تحت غطاء حقوق الإنسان .
قضية حقوق الإنسان التي أصبحت عملة مربحة تتجاوب معها بعض الجمعيات الوطنية لايمكن مطابقة كونية هذه الحقوق مع خصوصيات الملف المغربي الذي قطعا يجافي مفهوم الكونية بإعتيارتناقضها مع المصلحة العليا للبلاد .
فكيف يعقل ان تفعل حقوق الإنسان بمفهومها الكوني الذي يخدم أجندة معينة تصب غايتها في محاصرة ارادت الشعوب وتوجيهها وجهة مصالح الدول الكبرى التي تصدر الفراغ الفكري إلى الدول المنفلتة من وصاية الدول العظمى .
فأي منطق يدفع بالمغرب إلى تفعيل تلك الحقوق في ملف الصحراء على الخصوص والمغرب مهدد في إستقراره من الجيران فهل يشفع هذا الوضع الدفاع عن شخص أعلن عداءه للوطن من جهة وينفذ أجندة منظمة تعمل على تبخيس أحقية المغرب في صحرائه ،لا يقول ذلك إلا متجنن على الوطن مستعد للتخابر مع هيئات أجنبية تستغل كل صغيرة وكبيرة من أجل إضعاف موقف الدولة وتمزيق وحدتها وفسح المجال للاضرار بحقوق المواطنين .
وغذا كان المغاربة سواسية أمام القانون ، فإنهم سواسية من خيرات البلاد ، فلا تفاضل بين المواطنين في حب الوطن ما يحيل إلى انتفاء التفاضل من الاستفادة من خيراته وكل تطاول على الشخصية الوطنية للمغاربة تستوجب مواجهة المتطاولين ،فليس بعد اليوم مجال – كما اكد جلالة الملك – في ثنائية المواقف فإما أن تكون وطنيا وإما أن تكون خائنا .