حالما تصبح الأشعة الدافئة شظايا ملتهبة ومحرقة في زيغ عن الفصول في تقاسيمها السنوية، وفي رتابتها المعهودة تتشكل حقيقة جديدة تثور على رتابة المتداول اليومي، وتفصح عن واقع جديد ينذر بالويل والثبور وعظائم الأمور، فيجد المجتمع نفسه في دوامة من الحيرة من الرضى بالواقع الجديد أو رفضه.
فعملية الرفض أو القبول حينها تتحكم فيها عوامل تتحدد قوتها بمدى فاعليتها في تطويع أخلاق المجتمع، والذهاب به وجهة هو غير موليها أصلا، تتأرجح حسب المتتبعين سلبا وإيجابا، لذا ليس من الضروري دائما غض الطرف عن المستجدات، والبحث لها عن أسباب ومبررات أوهى من خيوط العنكبوت لغاية طمس الحقيقة بالتقليل من شأنها ما يظهر عجزا في التصور للمواجهة ولإيجاد الحلول.
إن استصغار أي مستجد على المجتمع، وعدم مواجهته بما تلزمه ضرورة لمواجهة، من بأس وقوة سرعان ما يتحول إلى عامل مهدد لسلامة أمن المواطنين، وبالتالي يقحم المجتمع في تمظهرات لاقبل له بها، فتشتد الأزمة، ويستعصي التحكم في عناصرها، ويزداد ثقلها على حماة الأمن، وتفيض جام الجريمة ويكرع المجتمع من أوارها.
فالتدبير العقلاني للأزمات المجتمعية لايلغي خاصية استئصالها من جذورها بالتوجيه والإرشاد إن أمكن وبالدرجة الأولى وبأي طريق كان حتى ولو على حساب ما يعتبره البعض اعتداء على الحرية الشخصية، فأي خيار غير الاستئصال من قبيل هذه الظروف لايزيد إلا تنامي التمرد الأخلاقي يتجاوز القيم المجتمعية المتعارف عليها، ويزيد من تمظهراتها ومن وبائها على المجتمع.
حينها يصعب التحكم في دفة قيادة السفينة التي ستواجه الأمواج العاتي التي لاقبل للمجتمع على ترويضها، ولاقبل للأمن على تركيع الداعين إليها.
فالحقيقة حتى ولو كانت مرة تجد مرتعها وخصوبته في اللامبالاة، أو في الحط من شأنها، أو في استصغار وقعها، وقدرة تحكمها في ممرر حركية المجتمع، لذا بات من الموضوعية، ألا تعالج إفرازات هذه الحقيقة الحارقة بركوب نمطية الإهمال ومداواتها بجرعات “وليأتي من بعدي الطوفان”، فالمسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتق الساهرين على أمن هذا الوطن العزيز تقتضي تضافر كل الجهود لضمان سلامته وأمنه