من البدهيات التي لاتقبل الجدل ولا مراوغة التأكيد على ان تعرف مدرجات ملاعب كرة القدم من شغب يرقى الى درجة مناهضة الإستقرار والتعويل على خطابات التشنج واداية الاغيار في شخوصاتها وفي املاكها تحت لافتة تشجيع الفريق، وإذ من المسلمات الرافضة لقواميس التبرير، أن المسؤولية أولا وأخيرا تقع على مكاتب الفرق وعلى الجمعيات المساندة والموازية التي يساهم جلها في تأجيج غرائز العداوة والعدوان.
وإذا كانت المناسبة شرط، فشرط هذه المحاولة هو ما وقع للمشجع ( م – ع )، الذي رافق فريق الكوكب المراكشي إلى مدينة أكادير ( للفرجة ) والتشجيع في المباراة التي جمعت الكوكب بالحسنية، صحبة رفاق دفعهم حب الترحال إلى المجازفة رجاء التشجيع، فعل مئات من المراكشيين الذين حجوا إلى جوهرة سوس، تحدوهم الرغبة في مشاركة فريقهم الأثير فرحة الإنتصار، ونشوة الفوز، خاصة في فترة تعول عليها مكونات الفريق في احتلال مراتب مشرفة في أطوار منافسات الدوري الإحترافي في كرة القدم برسم الموسم الرياضي 2014/ 2015، وحين تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن، تربصت الأقدار التي تود ما لا يوده الغير بالمشجع ( م – ع )، فرمت به وبزملاء في أتون معضلة الشغب التي عاشتها نهاية المباراة.
الفرحة التي غمرت الشباب المنفعل، المنخرط في دينامية الجماعة وتأثيراتها في ظل آليات الإنتصار والهزيمة، ما ولد التماهي عن وعي أو غيره مع الشغب، المرفوض من قبل الأعراف الرياضية والذوق السليم، ليتغير مصير الكثيرين من مجرد مشجعين إلى متهمين ضمن لائحة اتهام ثقيلة شملت العشرات من مدينة مراكش، تحت عامل فوار الشباب، وأحيانا رد ( دين ) سابق أمام عجز الترسانة القانونية/ الزجرية في وأد ظاهرة الشغب التي أصبحت لازمة من لازمات الفرجة في مجال كرة القدم.
طبعا، لا أحد راض عن ما يصاحب مباريات كرة القدم من مطبات وانفعالات أساسها الطبيعة الإنسانية المتفاعلة والمنفعلة مع الأحداث، والمحتاجة إلى معالجة أخلاقية/ رياضية قبل اعتماد الخطابات الزجرية الموغلة في قهر كرامة الفرد، واستبطان النوازع السلبية لديه، واستثمارها في توجهات سلبية محضة تؤول إلى فعل انتقامي يأتي على الأخضر واليابس، ويفضي بالتالي إلى جزاءات ومعاقبات تستند على عوالم افتراضية قلما تجد لها دعامة على مستوى الواقع، ما يحيل إلى تعامل ” دا نكيشوطي ” يصارع طواحين المستحيل، وينمي ظاهرة الشغب، بدل وأدها في محاصنها دون استكشاف كنهها، ودون اقتراح حلول بنيوية بمقدورها توجيه وتدويب غضب الجمهور للدفع بها نحو نشدان الطمأنينة واحترام الآخر وممتلكاته.
الإشكال إذن، يكمن في عدم قدرة الجمعيات الموازية للفريق في استيعاب محركات اللحظة ” الغاضبة “، وبالتالي، عدم القدرة على التحكم في مجريات الرحلات التشجيعية، نتيجة الإفتقار إلى مؤطرين مؤهلين قادرين على الإمساك بسيور حركات الجمهور والترحال به وجهة سلامة الأبدان والممتلكات، هاهنا تصبح الجمعيات المؤطرة للجمهور مقصرة في أداء دورها وفق العلاقات بين الأفراد والهيئات المسؤولة.
المتعارف عليه، أن المسؤولية معنوية في مثلث الجمهور …. ، تقع على عاتق مكتب الفريق في تسامت مع الجمعيات رغم الإكراهات التي تساهم في تعثر الفريق على المستوى المادي، فمن باب أحرى وأولى، تظافر الجهازين في تسطير سياسة تدبيرية لمواجهة الشغب، والتحكم في غوغائيته.
الإعتقاد الذي كان سائدا وإلى درجة اليقين، في حالة اتهام مشجعين موضوعي لائحة الإتهام التي تنظر فيها المحكمة الإبتدائية بمدينة أكادير، أن مكتب نادي الكوكب المراكشي، سيدخل على الخط لمعالجة قضية الشابين ومتابعتها، واللذين قضيا زهاء 5 أيام في المؤسسات القضائية والأمنية ، دون إشعار ذويهما باعتقالهما وفق ما ينص عليه القانون، هو أمر يثير الإستغراب،
ويعظم أمر التغاضي السلبي لحالة الشابين، عندما تم الإتصال بالمسؤول الأول عن الفريق من بعض ذوي ( م – ع )، والمعول عليه في مثل هذه الحالات، حيث اكتفى بتأكيد إطلاق سراحهما.
وبعد التحريات واستقصاء خبر سراح ( م – ع )، اتضح أن الأمر لا يعدو أن يكون إلا درا للرماد في عيون الأسرة، ومحاولة للتمويه عليها تهربا من تحمل تبعات ما وقع للظنين،وثبت لديها أن ابنها ورفيقه لازالا معتقلين، ، ما يطرح أكثر من سؤال حول تعمد تضليل الأسرة ومحاولة غض الطرف عن تقديم يد العون إلى المعتقلين، وهل أن اللجوء إلى التضليل هو محاولة نهائية للتملص ممن يشكلون الدرع الواقي للفريق تبعا لمقولة ” لا فريق بدون جمهور”، أفبمثل هكذا مواقف يمكن أن نحافظ على الرصيد المعنوي للفريق، علما، بأن الوقوف إلى جانب المعتقلين لا يتطلب مغامرة مالية تشكل حاجزا دون دعمهما أمام الأموال الباهظة التي تصرف بسخاء حاتمي؟؟؟
قد يبدع البعض في تجميل ( تيفووات ) مبهرة لا طعم لها ولا رائحة، إذا لم تكن مصحوبة بصناعة مشجعين متخلقين ورافضين لكل أنواع التمييع الرياضي الذي أصبح عملة متداولة في المدارج الرياضية، باستغلال ذوي النيات الحسنة من الشباب، وليتأكد أن المتعة الحقيقية المرجوة، هي السهر على أن يعود الجمهور تحفه أجنحة السلامة وترعاه أعين المسؤولين، بدل ترك مصائر البعض في كف عفريت، وطوعا لإملاءات سرعان ما يذوب صداها أمام ما يتردد في المدرجات من أصداء معدة سلفا ومتخلى عن أصحابها لاحقا.
ليس بالجميل أن يزج بالبعض في أثون سؤال / جواب، ويذوق نثانة دهاليز لم تصنع أصلا لشبابنا الذي يعد الرصيد الحقيقي للرياضة بمدينة مراكش، فهل من مستجيب في الوقت الذي ينعم فيه الآخرون بدفئ الأسر ويحرم الآخرون منه، وبدعوى زائفة اسمها تشجيع الفريق؟؟؟.