مصر/ سيد أمين
جاء القيصر الروسي فلاديمير بوتين الى بلاط فرعون مصر عبد الفتاح السيسي.. فرشت السجادات الحمراء وحلقت الطائرات في السماء ..وعزفت الموسيقى العسكرية.. واطلقت المدفعية طلقات الحفاوة.. وراحت راقصات البالية ترقصن على ازهار الغيد.. ووقف الرجلان في لحظة شموخ في غير محلها تذكرنا بلحظات المجد والفخار التى عاشها من قبل دون كيشوته .. فالاول تشققت قدماه بحثا عن حفنة مساعدات يتلقفها من هنا او هناك.. والثانى يخوض حربا عسكرية متكاملة الاركان حركت فيها الطائرات والمدرعات والدبابات ضد مدنيين عزل من ابناء شعبه.. يحملون صورا او رسوما ويشعلون الالعاب النارية والاطارات.
واستكمالا للمشهد الكيشوتى راح القيصر الروسي العظيم يهدى نظيره الفرعون “كلاشينكوف” ذلك السلاح الذى يعد واحدا من الاسلحة المستخدمة في ادارة الحروب الاهلية.. وذلك تعبيرا عن التضامن الروسي مع معركة السيسي ضد ابناء شعبه الارهابي, وايذانا بعقد صفقة شراء تقدر ببليون دولار.
كل ذلك يحدث ولا تزال جثث المصريين تملأ “المشارح” والدماء تخضب الارض في مشاهد غير معتادة تاريخيا في مصر , فمن لم يمت بالرصاص في التظاهر , يموت صعقا بالكهرباء في المعتقلات , او حرقا في اعتصام او دهسا على الطريق او شنقا في لوحة اعلانات او من شباك منزل,او خنقا في سيارة ترحيلات او في ستاد , او طعنا في الشارع.
لذلك نقول الى اولئك الذين يريدون اعادة مخيلتنا.. مخيلتنا فقط .. الى ما قبل 1990 حينما كان العالم يدار بقطبين..الاتحاد السوفيتى وامريكا.. المشهد الان مختلف تماما .. بل على نقيض ما كان انذاك.
والحقيقة انه اذا كان عدد ولايات الولايات المتحدة نحو 50 ولاية ..فاسرائيل هى الولاية 51 وروسيا – ما بعد عام 1990- هى الولاية رقم 52.
اما ما يحدث الان فهو مجرد تبادل ادوار خططته وتقوده الولايات المتحدة لرفع الحرج عنها وحفاظا لماء الوجه امام الشعب الامريكى والعالم الغربي في حال استمرار دعم هذا الانقلاب الدموى البغيض.
روسيا المسكينة لم تستطع حماية حدودها بل لم تستطع حماية اجهزتها في قلب موسكو عام 1990 من الاختراق الامريكى.. وذلك حينما استولت الولايات المتحدة على اجزاء واسعة من الاتحاد السوفياتى بما يمتلكه من اسلحة نووية وكيماوية وجرثومية .. وصارت الترسانة العسكرية الفتاكة لهذه الاقاليم المنزوعة في قبضة الولايات المتحدة بلا منازع ولا شريك.. وراحت واشنطن تفرض سيطرتها على هذه الاقاليم وتبسط عليها نظامها الاستعماري الجديد المتمثل في تنصيب عملاء استخباراتها من ابناء هذه الاقاليم المنزوعة حكاما عليها وادارة هذه الاقاليم من خلالهم.
ويقول المثل الشعبى “لو كان عامر كان عمَّر بيته” فلو كانت روسيا تستطيع ان تساعد احدا لتوقفت عن استجداء العالم بما فيه امريكا لمساعدتها ..ولو كانت تستطيع ان تحمى نظاما خارجيا لكان الاجدى ان تحمى نفسها من التمزق ومنعت خصمها اللدود انذاك من السيطرة على اقاليمها المنفصلة.
ودعونى اطرح تساؤلا بسيطا.. اجاباته ستنقلكم تلقائيا الى النتيجة .. هل وجدتم نظاما وقفت معه روسيا ما بعد عام 1990 واستمر؟ او بمعنى اخر, هل كانت روسيا صادقة في دعم الشهيد صدام حسين ام انها فقط هى من سلمته للأمريكان؟
وهل قدمت روسيا جديدا للعقيد معمر القذافي ام انها هى التى سلمت شفرات اسلحته للامريكان ليتم اعطابها على الارض؟
حتى بشار الاسد , ما كانت المؤازرة الروسية له الا تعبيرا عن الرغبة الامريكية فى استمرار الحرب في هذا البلد وصولا الى نتيجة الدولة الفاشلة , وحتى تتمكن المعارضة المسلحة من اضعاف نظام دمشق ويتمكن هذا النظام من اجهادها وذلك قبل ان تتدخل امريكا بتحالفها الدولى المعتاد للقضاء على هذا النظام والقضاء ايضا على معارضته معه ومن ثم تنصيب عملاءها حكاما على هذا البلد العربي.
المسرحية الروسية .. مكشوفة .. وامريكا لا تترك مستعمراتها عبثا.. واشنطن هى من تدير اللعبة في مصر.