يكشف البيت الأبيض عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول السلام بمنطقة الشرق الأوسط، أو ما يعرف إعلاميا “صفقة القرن”، وتركز بشكل حاسم على الجانب الإقتصادي في معالجة العلاقة بين وضع القضية الفلسطينية وأمن إسرائيل، مع انتهاء شهر رمضان هذا العام 2019، وانتهاء إسرائيل من تشكيل ائتلافها الحكومي في أعقاب فوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالإنتخابات، ويطلب إجراؤها تنازلات من الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، مع التشديد على أن هذه التنازلات لن تؤثر على الوضع الأمني لدولة الإحتلال، تبعا لحديث مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، خلال لقاء مع مجموعة من السفراء، تقول مصادر الخبر المتطابقة عن مصدر وصفته مطلعا.
مقترح خطة ترامب للسلام بالشرق الأوسط “صفقة القرن”، وبدأ الحديث عنها في العام 2017، وعرفت تعميقا في الإثارة الديبلوماسية، بعد الإعلان عن اكتمال معالم التسويق السياسي للتدابير المفضية إلى الإعلان عنها، شهر فبراير السنة 2019، الذي أنهى أواخره مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، ومساعد الرئيس، المبعوث إلى المفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، جولتهما التي قادتهما إلى عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة وتركيا، واستهدفت الترويج لاستثمارات بمليارات الدولارات لهذه الدول في الأراضي الفلسطينية، باعتبار هذه الدول جزءا من خطة ترامب للسلام بالشرق الأوسط، وهي الخطة التي لم تحظى بتأييد دولي واسع، خصوصا، من جانب روسيا الإتحادية التي وصفت الولايات المتحدة الأمريكية بالتفرد في طرح التسوية بالشرق الأوسط، وتأكد الموقف الروسي خلال لقاء مع المشاركين في الحوار الفلسطيني الأخير بالعاصمة “موسكو”، وأورد أثناءه وزير الخارجية الروسي سرجي لافروف القول، أنه (لسوء الحظ، الوضع الحالي في التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية لا يمكن أن يكون مرضيا، إنه أمر مقلق للغاية، والمسألة الكبرى تتعلق بالموقف الأمريكي، الذي يهدف إلى الترويج لنهج الأحادية)، والإتحاد الأوروبي المتمسك بحل الدولتين الذي أقصته خطة ترامب للسلام بالشرق الأوسط، وجدد الإتحاد في شأنه في بيان أوائل شهر يوليوز 2018، التذكير بأن حل الدولتين يظل الحل الواقعي والوحيد للتوصل إلى سلام عادل ودائم بالشرق الأوسط، فضلا عن موقف المملكتين المغربية والأردنية الرافض للخطة، وتعزز مغربيا بتخصيص الملك محمد السادس منحة موجهة إلى ترميم مآثر بالقدس المقدسة،
وكان تقرير لصحيفة “القدس” الفلسطينية، قد أشار في فبراير 2019، إلى تدابير الصفقة عن مصدر وصفته مطلعا في العاصمة الأمريكية “واشنطن”، من مضامين، أن الخطة ” لا تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس، بل تقوم على أساس إعطاء قطاع غزة حكما ذاتيا يرتبط بعلاقات سياسية مع مناطق حكم ذاتي في مناطق الضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وإجراء مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بشأن مستقبل المنطقة (ج)”.
(والمنطقة “ج” للإشارة، هي إحدى المناطق الثلاثة التي قسمت الضفة الغربية بموجب اتفاق أوسلو الثاني (2) في العام 1995 إلى منطقة “أ” و “ب” و “ج” التي تشكل 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة؛ وبناءً على اتفاقيات أوسلو، يجب أن تتبع هذه المنطقة “ج” لسيطرة السلطة الفلسطينية، لكن على أرض الواقع، تسيطر إسرائيل على جميع جوانب الحياة فيها، بما في ذلك الأمن والتخطيط العمراني والبناء).
وأمنيا، تقول خطة ترامب، بحسب نفس المصدر، أنه “ستتم إزالة معظم الحواجز العسكرية الإسرائيلية بما يضمن حرية حركة الفلسطينيين لأعمالهم ومدارسهم ومستشفياتهم، والحرية التجارية في المناطق الفلسطينية، ولكن المسؤولية الأمنية ستبقى بيد إسرائيل بشكل كامل، حتى منطقة الأغوار”.
وتشمل الخطة أيضا تعزيز الشراكة بين الأردن والفلسطينيين وإسرائيل، في إدارة المسجد الأقصى وضمان وصول المصلين إليه، وفقا للتقرير.
أما بالنسبة للمستوطنات فستقسم إلى ما يسمى بالكتل الكبرى التي ستُضم رسمياً لـ “إسرائيل”، والمستوطنات الأخرى المقامة خارج الكتل الكبرى، وستبقى هي الأخرى أيضا تحت السيطرة الإسرائيلية ولكن دون توسيعها، أما النقاط الاستيطانية العشوائية فسيتم تفكيكها، تبعا لنفس المصدر.
ويؤكد المصدر “القدس” الفلسطينية، عن مصدره في واشنطن، وطلب عدم الكشف عن هويته، بأن الخطة (صفقة العصر) لا تشمل تبادل أراضي، كون مسألة الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس لم تعد واردة “بل ستكون هناك تعويضات سخية للفلسطينيين الذي باستطاعتهم إثبات ملكيتهم لهذه الأراضي بشكل مباشر”.
وحول قضية اللاجئين الفلسطينيين، تظهر “القدس” الفلسطينية”، بأن “صفقة القرن” تعتبر أن عدد اللاجئين الفلسطينيين يتراوح بين 30 ألف إلى 60 ألف شخص فقط، وسيتم إعادة توطينهم في مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية في الضفة أو في قطاع غزة إن أرادوا ذلك، فيما سيتم تشكيل صندوق لتعويض أحفاد الذين “اضطروا” لمغادرة قراهم وبلداتهم ومدنهم خلال حرب 1948 دون تصنيفهم كلاجئين.
وتركز الخطة، تبعا لنفس المصدر، على “المحفزات الاقتصادي” التي تشمل بناء ميناء كبير في غزة وتواصل بري بين غزة والضفة الغربية “ووسائل خلاقة للنقل الجوي من وإلى غزة للبشر وللبضائع” بحسب المصدر، وتعزيز قطاع الإنتاج التكنولوجي في المنطقة (أ)”.
يشار، بأن المنطقة “أ” تشكل 3% من أراضي الضفة الغربية، وامتدت عام 1999 لتشكل 18% من الضفة، وتخضع غالبية شؤون هذه المنطقة لسيطرة السلطة الفلسطينية.