بشرى عطوشي
أفرزت الدورة الثانية من السنة التشريعية الثالثة للبرلمان، من خلال المؤشرات الرقمية المعلن عنها خلال اختتام الدورة، حصيلة اعتبرتها الحكومة والبرلمان نوعية.
وبالنظر لعدد مشاريع ومقترحات القوانين المصادق عليها، يتم طرح الأسئلة ذاتها التي سبق وتم طرحها مع اختتام كل دورة تشريعية، ويبقى السؤال الأهم من بينها هو مدى تفعيل وتطبيق هذه القوانين على أرض الواقع، بمعنى هل يتم تطبيقها من قبل السلطات والمؤسسات؟ وإلى أي حد استفاد المواطن من هذه القوانين؟
من الجيد الاجتهاد في خلق مشاريع ومقترحات قوانين، ومن الجيد أيضا مناقشتها ودراستها والتصويت والمصادقة عليها، إلا أنه ليس جيدا، أن تبقى هذه القوانين حبرا على أوراق الجريدة الرسمية، وليس من الجيد كذلك أن يتم غض الطرف عن تفعيل هذه القوانين من قبل السلطات المعنية بالتطبيق.
مراكمة القوانين والمساطر، لا معنى له في غياب التفعيل، الذي يتطلب انخراط الجميع، مؤسسات وأجهزة ومواطنين، في محاربة الفساد وتطبيق مبدأ المحاسبة والمسؤولية، ومحاربة الرشوة، والرفع من مستوى الوعي لدى المواطنين بالحقوق والواجبات، عندها يمكن القول إن عمل البرلمانيين والحكومة عملا نوعيا وجبارا.
وعند الحديث عن الحسم في مشاريع قوانين قدمتها الحكومة، ومقترحات قوانين قدمها البرلمانيون، يتم استحضار مدى احترام الحقوق في بعدها الإنساني والثقافي والخدماتي والاقتصادي والاجتماعي، إلا أنه وبالنظر لما تمت المصادقة عليه خلال هذه الدورة، بغض النظر عن الدورات السابقة، نجد تغييب هاته الأبعاد، ويبقى التصويت والمصادقة على عدد لا بأس به من القوانين مقرونا بالارتجالية لا داخل اللجان ولا حتى خلال التصويت في جلسة عمومية تعرف غياب عدد كبير من البرلمانيين، وأعضاء الحكومة، كما سبق وجرى بالنسبة لمشروع القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، الذي سيُمكن المقاولات الصغرى والمتوسطة من الولوج إلى التمويل وضمان حصولها على القروض، والذي حضر التصويت عليه خلال الدورة الربيعية الأخيرة، قلة من البرلمانيين بحضور وزير وحيد، وهو وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، دون الحديث عن مشاريع قوانين تمس بشكل مباشر المواطن المغربي، على غرار قوانين المالية السابقة التي عرفت الكثير من الارتجالية وتجاهل الواقع المعاش للمغاربة.
ومن المهم بما كان أن تستحضر الحكومة، أن خدمة الصالح العام، لا تأتي بكمية القوانين المصادق عليها، التي لا يتم تطبيقها واحترامها من قبل جميع مكونات المجتمع المغربي، فالإصلاح الذي ينشده الجميع يكمن في احترام الحقوق والواجبات.
من المؤسف جدا تمرير قوانين دون الاهتمام بالنقاش الوطني الدائر حولها، ومن المؤسف أيضا تجاهل الرأي العام عند التصويت على قوانين تهم بالدرجة الأولى عيش المواطن المغربي.