المفاجأة لا تكمن في الشخص موضوع الصورة،ولكن المفاجأة أكبر من ذلك وأعمق إذا علمنا أن الأمر يتعلق بإبن شخصية نافذة موضوع المساءلة القضائية حالية لما إقترفه من تجاوزات ذات العلاقة بالمال العام .
فلم يعد المجتمع ييئن فقط من عسف الآباء الموغلين في حصد الأرقام القياسية في التطاول على المال العام،بل أصبح العنت يطال الأبناء الذين يتلذذون بهذا المال(الصورة غنية عن البيان).
أن يقدم شخص ما على أخذ صورة تذكارية لمعلمة من معالم المدينة أمر مقبول ومرغوب فيه،أما أن يأخذ صورة تذكارية أمام ركام من الأموال الموجهة إلى إحدى المؤسسات فالمسألة فيها نظر.
يتعلق الأمر بشاب قد يكون ذا صلة بمسؤول من العيار الثقيل،ولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما تشي الصورة ،وقد يكون المال قد حول من مكان إلى آخر ليؤتث لجمالية الصورة،وقد يكون بطل الصورة قد تحين الإنتقال إلى مكان المال.المهم أن شيئا غير عاد زلزل المشهد الأدبي العام بقوة تجاوزت سلم ريشتر.
إجمالا تدين الصورة الأب الذي تصرف في المال العام ماحال دون وصوله إلى مقصده كما تدين الابن باستغلال تهور الأب وشططه ليبدو مزهوا بأخذ صورة تذكارية هجينة دالةعلى إحتقار المجتمع والمؤسسة التي يترأسها الأب.
وقد تحيل قراءة متأنية للصورة إلى فك شفرة الأزمة المجتمعية بكل تفاصيلها وجزيئاتها،وتفرزخيوط اللامبالاة وعناوين الردة التدبيرية المستفحلة في المشهد العام للتدبير بصفة عامة .
هذه الصورة تؤطر لفضاء تتناسل فيه المؤثرات يكشف عن عمق المأساة التي أريد لها عن قصد وسبق إصرار أن تواجه واقع التردي الأخلاقي وفضولية النزق التدبيري .
تكمن في خلفية الصورة عناصرإثارة قد لاتبدو للعيان،ولكنها تكاد تفصح عما ورائيتها وما يكمن في تجمعات جزيئياتها المتشبعة بومضات شكلت عناصرها في تطابق آليات دخيلة أساسا معية كل ألوان الطيف.
كما تحيل الصورة أيضا على واقع كارثي تتصالح فيه الذات المتآمرة مع الموضوع المغتصب بطريقة إستنكارية وهو تصالح ظرفي مفعم بنشوة الانتصار على الواقع المكلس بكل جزئيات المتعة:متعة الجسد،ومتعة اللحظة،وانشطارات المتعة.
الإطار العام للصورة يتضمن اشياء تافهة لا تكسب اهميتها الا من خلال إجتماعها قسريا لتشكل واقعا تتحدث فيه كل لغات العجز الذي يترجمه صاحب الصورة الراغبة في التفاعل مع الحياة والمنصهرة في بوثقة تبوح بممارسة المحظوروالممنوع.
يتمتع الفضاء العام أيضا لهذه الصور من عناصر قد تبدو متنافرة في المشاهد ولكنها تحقق تجانسا وتناغما عن طريق الجوار والمسامتة في لحظة عابرة لنشوة مزيفة تتماهى فيها الذات المهزومة واقعا والمتطلعة إلى معايشة لحظات اعتبار لم تكن لتتم لولا محفزات منها المرئي(المال)ومنها النفسي التمدد في وضعية ذات إيحاءات جنسية تخاطب الآخر وقد يكون ملتقط الصورة .
فالصورة ومن خلال فسيفسائها تحيل إلى طبقية مغرقة في الوجاهة والتميز وقد ساهمت في تحقيقه أيضا إلى تراكم رزم مالية قد تكون لصاحب نفوذ،أو متربص بالمال العام أو عاشق لمراكمة الثروات التي لا تتأتى أصلا إلا من خلال إقتناص الفرصة لحرق مراحل الإستغناء والتملك غير المشروع .
رفض التصوير بالأسود والأبيض هو عنوان للحرج ولرفض واقع الدونية/الفقر/الأصل ايتار غيرهما هو تشوف للعالم الوردي وللحياة المخملية التي تصنف صاحب الصورة أو من خلفه في خانة أثرياء آخر ساعة الذين يعيشون ويسيرون على قهر الجماعة/الفقراء والمستضعفين.
المكان محدود في باحة مثال لألف ليلة وليلة وبادخ بمؤشرات الغنى والتوق والنزق والتطاول على ما للغير .
الزمان: يتمدد في اللامتناهي، واللامقبول،بدءا من مؤشرات المعمار المغربي إلى آخرتقليعة لفن المعمارالوافد/المستحدث،وهو زمان مرفوض أصلا لما يمثله من هوة سحيقة تحمل خطابا فوقيا يصادر الفرحة والنشوة لذا الآخر/المشاهد المنبهر بخلفيات الاشياءوالأضواء التي تتحول إلى سندان ومطرقة تقتلان لغة التعايش بين أجيال تعيش على التناقض وتعمل على تجديره.
والصورة في نهاية المطاف إدانة لأصحابها معروفين أو مجهولين لأنها بكل بساطة شهادة على زمان التردي الذي يعيشه المواطن في واقع يقوم على قلب الموازن والقوى،والتوق إلى تحصيل الثروة ثم الضحك/الخلفي على السدج الذين وضعوا مصيرهم في أيادي غير آمنة تتعمد الإساءة الى البصري/الناظر.
الأموال التي تشكل بؤرة الصورة خالفت العنوان،وتبدت في صيغ (ستريبتيرية)فاضحة تتوسل القصاص من ناهبي المال العام الذي أخلف طريقه إلى بيت من بيوت الذوات عوض أن يحافظ عليه في المكان الذي رصد له أصلا وبداية.