كشف المجلس الأعلى للحسابات أنه بالرغم من التحولات العميقة التي شهدها صندوق الإيداع والتدبير، واتساع نطاق أنشطته ليشمل قطاعات تنافسية جديدة، وتزايد عدد شركاته الفرعية ومساهماته المالية، فإن حكامته لم تشهد أي تطور يذكر، حيث ظل يفتقر لمجلس إدارة يحظى بكامل الاختصاصات ويعمل كهيئة فعلية تمتلك سلطات اتخاذ القرار والتدبير والمراقبة على مختلف المرافق التابعة له.
وسجل المجلس في تقريره السنوي لسنة 2018، أنه وبالرغم من خصوصية موارده المحددة في القانون، فإن الصندوق يستثمر في مختلف أنواع الأصول (أسهم مدرجة وغير مدرجة بالبورصة، وسندات وأصول عقارية وسكنية، وقروض وسلفات للفروع والمساهمات المالية التابعة…)، وذلك في غياب تخصيص ملائم لهذه الموارد يراعي، بشكل أمثل، العالقة بين المخاطر والمردودية.
كما أدت هذه السياسة الاستثمارية إلى الاستهلاك المتسارع للموارد الذاتية التي يفترض أن تعمل على تغطية دائمة للمخاطر التي تتعرض لها المجموعة. فضلا عد ذلك، تعاني الاستثمارات في مجال المساهمات المالية المباشرة من عدة نقائص أهمها:
عدم الخضوع لإذن مسبق بخصوص كل المساهمات في رأسمال شركات وإحداث أخرى فرعية؛ وغياب قواعد رسمية تؤطر تدبير محفظة “المساهمات المالية المباشرة”؛ وتركيز المجهود الاستثماري على عدد محدود من الشركات الفرعية والمساهمات المالية؛ وتراجع مردودية المحفظة؛ وتفاقم وضع بعض المساهمات المالية.
أما بخصوص المساهمات المالية على المستوى الدولي، فهي بدورها تعاني من بعض النقائص، أهمها: غياب رؤية استراتيجية؛ وتعرض كبير للمخاطر؛ وأرباح ضعيفة وغير منتظمة؛ وتراجع مستمر في قيم المساهمات المالية على المستوى الدولي؛ وضع مالي مثقل بتكاليف الفوائد المرتفعة؛ وضعية صافية متدهورة نتيجة تراكم الخسائر؛ تفويت بعض المساهمات مع تسجيل خسائر.
وفي ما يتعلق بخلق الشركات الفرعية، فقد أدى هذا التطور المتسارع للاستثمارات إلى ارتفاع عدد الشركات الفرعية والمساهمات، حيث انتقل من 80 فرعا ومساهمة سنة 2007 إلى 143 فرعا ومساهمة سنة 2017 . غير أن سياسة تنويع الأنشطة التي انتهجها الصندوق وما واكبها من خلق للشركات الفرعية كانت تفتقر إلى الضبط والتأطير اللازمين.
وعلى سبيل المثال، استثمر الصندوق في العديد من الأنشطة في المجالات التالية: البنك والمالية والتأمين: حيث إن تموضع الصندوق في هذه الأنشطة لا يرتكز غالبا على رؤية استراتيجية، إذ يتبين في الواقع أن الصندوق مارس العديد من الأنشطة، إما بسبب دوره التاريخي في القطاع المالي من خلال مختلف مراحل التطور التي مر بها المغرب، أو بسبب مساهمته في إعادة تنشيط وإعادة هيكلة بعض المؤسسات من خلال مشاركته كمساهم مرجعي، كالقرض العقاري والسياحي وصوفاك وفينيا وماروك ليزينك والصندوق الوطني للإنماء الاقتصادي.