بدعوة من أحد أهم النوادي الاجتماعية للقنب الهندي بإسبانيا، شارك عبد اللطيف اظبيب رئيس كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية و شريف ادرداك رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، خلال الأسبوع الأول من شهر ماي في تنشيط عدة ندوات و لقاءات بمدريد و ألباسيتي و فالنسيا مع نشطاء في ميدان القنب الهندي، كان أهمها الندوة المقامة بمعرض viñagrow المقام على هامش مهرجان ” viña rock” و الذي امتد من 30أبريل وإلى غاية ال 2 من شهر ماي الحالي، و الذي عرف مشاركة قرابة 300000 مشارك.
خلال هذه الزيارة الميدانية، تعرف نشطاء بلاد الكيف على سبب الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها مزارعو الكيف بصنهاجة و غمارة، بسبب عدم تسويق محصولهم الراجع اساسا لتوسع رقعة الزراعة خارج المناطق التاريخية و لتوجه الاوربيين لزرع القنب الهندي داخل البيوت و تحت غطاء النوادي الاجتماعية للقنب.
خلال هذه الجولة الاولى من نوعها، تحدث عبد اللظيف أظبيب عن تاريخ القنب الهندي بشمال المغرب ، وبالعلاقة التاريخية التي تجمع الجاريين المغربي و الإسباني ، مذكرا بالفترة التي تولى فيها المغاربة حكم الأندلس بالجنوب الإسباني، حيث قاموا بجلب نبتة القنب انطلاقا من مرسى صنهاجة شمال المغرب حيث يرجع لهم الفضل في انشاء أول معمل للورقفي ألميريا.
وقال أظبيب بأن الأحزاب السياسية منذ الاستقلال تجاهلت مطالب ساكنة منطقة صنهاجة التي تطالب برفع الظلم عنهم و بتنمية شاملة لمنطقتهم ، بل إن بعض الأحزاب السياسية تأمرت على الساكنة و وقفت حجرة عثرة أمام كل تنمية شاملة تخرج صنهاجة من عزلتها. كما حمل أظبيب مسؤولية التهميش الذي تعيشه بلاد الكيف للمنتخبين المحليين و الحكومات و المسؤولين منذ الاستقلال و قال بأن وكالة تنمية أقاليم الشمال التي أنشأت سنة 1996 بهدف ايجاد حل لمشكل الكيف انحازت عن هدفها الرئيسي و وجهت جل مشاريعها لتنمية مناطق ليس لها علاقة بالكيف تاريخيا، كما أن الاعانات الدولية التي تقدم للمغرب بهدف محاربة الكيف لا يتم تخصيصها لتنمية بلاد الكيف (صنهاجة-غمارة)، و حتى تلك المشاريع القليلة الموجهة للمنطقة تبقى محتشمة و لا تستجيب لتطلعات الساكنة و بقيت في غالبيتها دون تفعيل.
و قال أظبيب الذي بدأ النضال سنة 1999 من خلال جمعية تنمية الريف الأوسط، و الذي شارك في المنتدى العالمي الأول للنباتات المحظورة ببرشلونة سنة 2009 و على ضوءه تم انتخابه لتمثيل افريقيا و مزارعي الكيف في الدورة ٥٢ للجمعة العامة للامم المتحدة الخاصة بالجريمة و المخدرات بفيينا، قال بأن الكيف ليس هو المشكل، فمشكلة المنطقة هي غياب التنمية و التهميش مما حذا بالساكنة لزراعة الكيف من اجل العيش ليتم استغلالهم من طرف البارونات و المنتخبين و بعض المسؤولين. فالبعكس فنبتة الكبف يمكن الاستفادة منها بطريقة علمية من خلال تصنيع المنتوجات الايكولوجية و بيعها بطريقة قانونية عن طريق استغلال الخبرة التي راكمتها الساكنة في مجال زراعة الكيف و الخبرة العلمية و عن طريق انشاء منطقة حرة في بلاد الكيف خاصة بتسويق المنتوجات الايكولوجية المشتقة من الكيف و ايضا السياحة الترفيهية و الجبلية و الثقافية…
وفي نفس الإطار أوضح أظبيب، أن تكتل جمعيات المدنية بصنهاجة في جمعية واحدة هي كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية كانت من أجل رفع “الحكرة” و جر الجهات العمومية و الخاصة للإهتمام بتنمية الإنسان أولا و المنطقة ثانية عبر شراكة حقيقية ووفق روح المواطنة و مضامين الدستور الجديد للمملكة لسنة2011 ، و قال أظبيب بأن الكنفدرالية راسلت عدة مسؤولين و على رأسهم رئيس الحكومة الذي رحب بأفكارها و مقترحاتها من اجل اخراج المنطقة من العزلة التي تعيشها، و أضاف بان بلاد الكيف عموما و صنهاجة خصوصا ستكون حاضرة في المنتدى العالمي الثاني للنباتات المحظورة الذي سيكون بهولندا بحضور مختصين و ناشطين عالميين، من خلال تواجده (أي أظبيب) ضمن اللجنة التنظيمية للمنتدى الذي على ضوءه سيتم أعداد تقرير عن المشاكل التي يعانيها مزارعو هذه النباتات المحضورة في العالم من اجل تقديمها في الدورة الخاصة بالجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالمخدرات و الجريمة المزمع أقامتها بنيويورك سنة 2016.
و قد طالب أظبيب الحكومة المغربية لتجاوز حالة النفاق الاجتماعي و السياسي التي يعيشها المغرب اتجاه مشكل الكيف، كما دعاها لايجاد حل عادل يرقى لتطلعات و مصالح المزارعين البسطاء و المنطقة و البلاد.
و في الأخير، و جه أظبيب نداء للنشطاء الأوروبيين لزيارة المنطقة من أجل الوقوف على الوضعية المزرية التي يعيشها الساكنة و مدى التهميش الذي تعاني منه، داعيا إياهم للمساهمة قي تنمية بلاد الكيف، ملتمسا من صاحب الجلالة الملك محمد السادس القيام بزيارة للمنطقة، على غرار المشاريع التي أنجزت على عهد المغفورين جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني، و إعطاء أوامره المولوية السامية لإيجاد حل لمشكلة الكيف من أجل رفع الحيف عن رعاياه الأوفياء في هذه الربوع من المملكة المغربية .
من جانبه، كشف شريف أدرداك رئيس جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف” في اللقاء نفسه، جملة من المشاكل المرتبطة بزراعة الكيف في شمال المغرب بما فيها المعاناة المالية، التي يعانيها المزارعون، لأنهم لا يستفيدون من مداخيل هذه المادة، فمثلا كيلوغرام من الكيف يباع بـ 8000 درهم “للبزناس”، الذي يعيد بيعه في أوربا بـ100000 درهم.
وأبرز أدرداك، أنه في أغلب الأحيان يبيع المزارعون محصولهم بالدين، في انتظار أن يعيد بيعه “البزناس”، مما يؤدي إلى تأزيم أوضاعهم، المر الذي جعله يدعو السلطات إلى إخراج وكالة لتنمية “بلاد الكيف”.
وأضاف أدرداك، أن “المنطقة أصبحت تعاني مشاكل اجتماعية، تتجلى في تحول مجتمع بلاد الكيف من مجتمع تضامني إلى مادي، يتنافس فيه كلٌ على الثراء انطلاقا من الكيف، وتحول من نظام الجماعة إلى مجتمع تغلب عليه الفردانية، كما اندثرت فيه الأعراف الأمازيغية، والزوايا الدينية، وقيم الحب والوئام ونشرت بين سكان المنطقة ظاهرة شراء الذمم والحقد والضغينة والتحالف مع البارونات”، يضيف المتحدث نفسه.
كما أشار أدرداك، إلى مشاكل البيئة التي تعانيها المنطقة، تتجلى بالخصوص في “زبر الغابة من أجل زراعة الكيف، وتوفير حطب الطهي والتدفئة، مما ساهم كثيرا في انجراف التربة في المنطقة”. كما أن توسع الزراعة، وفق المصدر نفسه، “ساهمت في تراجع الموارد المائية، خصوصا المياه الجوفية بسبب الاستغلال غير المعقلن لها”.
ولم يستثن أدرداك، ما تعرفه المنطقة من مشاكل حقوقية، إذ أكد أن المزارعين يعيشون “حياة العبودية”، فهم يملكون وسائل الإنتاج واليد العاملة، لكنهم لا يستفيدون من الربح الذي يذهب للبارونات.
وأبرز أدرداك في السياق نفسه أن “بلاد الكيف” تشهد ارتفاعا مهولا للشكايات الكيدية، والقضايا بالمحاكم، بالإضافة إلى أن المرأة في بلاد الكيف، تعيش وضعية حقوقية مزرية، فهي تساهم بـ 80 في المائة من دورة الكيف، لكنها لا تحصل على مقابل.
كما يعاني المزارعون مشاكل سياسية، تتجلى في ابتزازهم تحت طائلة التهديد، من طرف مسؤولين وأحزاب سياسية من أجل التصويت لصالحهم، أو ببيعهم الوهم.