آفة الإعلام بمدينة مراكش، أنه مخترق من بعض الموسومين بالقصور النظري، والبعد الأحادي وعدم إدراك الإشكالات والتصورات وفق التحليل الشمولي لمنطق الأشياء، والقيم الموضوعاتية التي تحملها ضمن المقاربات المجايلة لظاهرة ما.
أن يختلف البعض مع مسؤول إعلامي، ضمن سلسلة مؤسسات الدولة أمر وارد ومتوقع، بكل صيغ التوقع، غير أن ما لا يقبل من الفرد أو الجماعة هو تنزيل المواقف الشخصية كمنهج لمعالجة ظاهرة فردية ترخي بظلالها على شبكة من العلامات المشكلة لدعامات متساوقة ترفض التمظهرات الذاتية، تنأى عن الفردانية الموغلة في صناعة المواقف الهشة التي لا تميز بين الواقع واللا واقع، بين ترسيم نجاعة الإبداءات وسلبية التخطيط من فراغ عدمي ” شيزوفريني “، يختل بتوازن المنزلة بين المنزلتين بين الموقف واللا موقف، بين نضج الوعي بالمعطيات الأساسية التي تبني للحدث أو الظاهرة في الواقع أساليب التأسيس للإنخراط من عدمه، تعطيه صفة الإرتباط أو تصفه بالمرفوض والمهمل والمنكوث.
الحديث هنا يتجه نحو المقاطعة التي أعلن عنها الإطار الجمعوي للصحافة الإليكترونية بجهة مراكش آسفي، الذي أقرب انتقاد يوجه إليه، أنه لم يقم بتعميم بيانه في شأن المقاطعة، والذي حسب الزيارات المقام بها للمواقع التي تنضوي في إطاره، اكتفت بإيراد موضوع الخبر دون الإشارة إلى هذا البيان الذي أتى في وقت لا حق عن نشرها خبر المقاطعة، حيث أقحم على ما يبدو بعد أن قامت مواقع إليكترونية أخرى بتغطية كلمة والي أمن ولاية مراكش، إما كونها غير عضوة في هذا الإطار، أو أنها أصلا لا علم لها بهذا الموقف المتخذ في شأن مقاطعة التخليد للذكرى 59 على تأسيس الأمن الوطني في العام 1956، والتي تتزامن مع ال 16 من مايو كل سنة، وتتميز بكونها ذكرى عزيزة، من دلالاتها التجذير للإحساس الجمعي اتجاه قوة نذرت نفسها لحماية أمن الوطن والمواطن على السواء، في ظل تمثلات استراتيجية ما تفتأ التوجهات الملكية تذكر بالحرص على أنها من صميم الحكم الرشيد الذي يستحضر تفعيله احترام الكيان الوطني المتفاعل إنسانه مع الرصيد الذي راكمته سلطة الحكم التي ظلت في واقع ومخيال المواطن الركن الشديد الذي ظل يعمل على تثبيت الوجود الحضاري للأمة المغربية عبر مختلف حقب التاريخ، وأشفعه العهد الجديد بمناضلته للتخلف في ممارسة سلطة الحكم، والمستديم من خلال تحقيق دولة الحق والقانون ضمن مستوياها الإنسانية كما يعمل على تجسيدها تخليد الذكرى لتأسيس الأمن الوطني، والقوات المسلحة الملكية، وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى،اجتماعيا، بحيث يأتي موقف المقاطعة طبقا لهذا التوجه، سيما، وأن بلوغ سمو هذه الدلالات العميقة من إحياء الذكرى، في سياق تغييب تام ومقصود لحدث استثنائي من بعض المواقع بحجة خلاف – مهما بلغت قوته وحجيته- مع المسؤول عن الإعلام بولاية أمن مراكش، لا يمكن أن يدرك أو يحدث الوعي به دون ذوبان الإنتماء في تمثل القيم المواطنة، التي تلغي شبك الذاتي بالموضوعي، مادامت المناسبة شرط، كما في القاعدة الفقهية.
تغييب الكلام عن الحدث، يلفه كثير من الغموض من تجلياته، سداجة المطابقة بين موقف فردي صرف مع حدث وطني كبير، فالشخص المسؤول مهما بلغت مكانته، لا يمكن أن يتخذ ذريعة لتغييب الحدث عن لحظة وطنية، تلتف حولها كل شرائح المجتمع المغربي لجسامة القطاع وكبر مسؤولياته.
بالكاد، أن بعض الأخطاء الصغيرة تحاصر مهمة الإعلام في مواقع تضخيم الذات، وتنمي الطبيعة النرجيسية لذا البعض، و عن أي بعض؟