عماد بنحيون
مخجل أن يتاجر لوبي حكم دولة تتوفر على أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم بالإضافة إلى الذهب الأسود، بالإعانات الدولية وأن يقبل على نفسه أن يستجدي المساعدات الإنسانية لسكان قبائل جنوب الوطن ويحولهم إلى لاجئين يعيشون أعلى درجات الذل والقهر والاستعباد، ومؤسف أكثر أن تجد شعب نفس هذه الدولة يتعرض للتدجين و إحاطته بأعلى درجات الحصار الاعلامي والقهر الفكري، ليرغم على القبول بأدنى مستويات العيش في العالم العربي وأقل دخل إقليمي وأبخس الأجور.
كل هذا في الوقت الذي وضعت الدولة الجزائرية أجزاء شاسعة من تراب جنوبها رهن إشارة عصابات قامت بتسليحها وتنظيمها ودعمها دوليا وإفريقيا وإقليما دبلوماسيا وماديا، وسخرت لها جميع وسائل القمع والاستبداد من أجهزة المخابرات على كل أشكالها، ووفرت لها رغم شساعة ترابها وتشتت المخيمات الخمس بها كل الوسائل باستثناء ظروف العيش الكريم، التي نجد مثلا أن مخيم “الداخلة” مثلا يبعد ب: 170 كلم على مخيم “بوجدور” و يبعد كذلك عن تندوف ب 200 كلم، كل هذا لتكون لها عونا وسندا في تحقيق حلم الوصول إلى ضفة المحيط الأطلسي والانتفاع بالفوسفاط المغربي، فعملت على استقطاب قبائل الرحال من صحراء شمال مالي وموريطانيا و التشاد والأفارقة المقاتلين إلى جانب نظام القذافي، لاستغلاهم ميليشيات ردع للأسر الصحراوية المحتجزة المتاجر باسمها لجلب الإعانات الدولية ووسيلة ضغط وابتزاز على عائلاتهم من سكان الصحراء المغربية.
أما المحزن بحق فهو أن تجد نفس هذا الشعب، قد استطاع نظام الحكم في بلده أن يجبر أغلبه على أن يرضى بأن يحكمه رئيس في الخفاء، فأصبح يخشى ظل المومياء،فصار مقتنعا بمصيره، غاضا الطرف على فضائحه، فكيف يعقل لشعب بلد المليون شهيد أن يقبل بالتخلف على ركب الديموقراطية والتنمية الاقتصادية لدول الجوار ولو أرغم؟ وماذا سيقول للأجيال القادمة؟
هل سيقول له أنه كان مرهبا وخائفا من التهديدات الإرهابية التي اعتاد النظام أن يطلقها النظام وأنه هو الضامن للأمن بالجزائر ، كتهديد ضمني بأنه قادر على إعادة سيناريو التقتيل والتدبيح لما قبل وبعد انتخابات 1991، مهددا عبر الصحف الناطقة باسمه أن تنظيم داعش دعا إلى تكفير الجزائريين والقتال في الجزائر .. وبث تسجيلات “مشكوك في مصدرها” من مكان أطلق عليه ولاية الرقة السورية بالدولة الإسلامية ظهر فيه شخصان يدعيان أبو البراء الجزائري وأبو حفص الجزائري وهما يتلوان رسالة أطلق عليها رسالة إلى أهل الجزائر توعداها بالحرب فيها وخبر مبايعة جماعة بولاية سكيكدة وصحراء الجزائر التنظيم المذكور، وتهديده بأن تكون الجزائر بوابة للتمدد لما أسماها الأندلس ، في الوقت الذي نجد فيه نفس هذا النظام بالجزائر يسمح لكل أنواع العصابات بالتمركز بجنوب البلاد، ويمنع منعا كليا أي إحصاء لمخيمات العار والذل بالجنوب بل لا يذخر جهدا في جعل العصابات المسلحة المتمركزة بها جلادا للمعارضة وقت الحاجة، وفزاعة للمنطقة و قنبلة موقوتة يتم اللجوء إليها لتفجير أمن المنطقة في حالة المساس بمصالحه .