لم يجد النظام العسكري الجزائري بدّا غير رمي كرة “فلسطين” في الملعب طمعا في حفظ ماء الوجه في “مباراة كل المخاطر” على حد وصف المجلة الفرنسية الذائعة الصيت “جون آفريك”، التي وثقت لهكذا “مباراة تستحوذ على اهتمام المتابعين.
وفيما مُني نظام الـ”كابرانات” في الجارة الشرقية بهزائم متكررة من قبل المغرب، انبرى تبون، الرئيس الصوري إلى دعوة عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية لزيارة بلاده لعله يحقق شيئا مما يحلم به من أنزلوه بمظلة عسكرية في قصر “المرادية”.
وتأتي دعوة عباس أبو مازن، إلى الجزائر في سياق سعي الأخيرة إلى تحويل دفة الاهتمام نحو القضية الفلسطينية بدلا من وضع الأصبع على موضع المشكل الحقيقي وهو منازعة المملكة في حقها المتمثل في صون وحدتها الترابية وسد الطريق على الطامحين في إطلالة على المحيط الأطلسي.
الزيارة التي تدوم ثلاثة أيام تعد مزايدة لا غير.. فمتى سمع للجزائر صوت وهي تنافح عن الفلسطينيين؟ ثم إن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين كلهم بمختلف الأمصار حيث يتعينون ويتواجدون، وليس لأحد أن يستأثر بها وحده دون غيره وهذا أمر لا يختلف حوله اثنان.
وإذ لكل الحق في دعم القضية الفلسطينية وبذل كل المساعي لينعم الفلسطينيون بالسلام في وطنهم، فإن في استغلالها أبشع استغلال من قبل النظام الجزائري ، لغايات معروفة، يجعل منه مغتصِبا ومن عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية الذي انصاع لهذا الاستغلال “مغتصَبا” وأمام الجميع.
ولطالما نأى المغرب بنفسه عن الاتجار بقضايا وهموم الشعوب لغايات خفية، وهو يعتمد في مقارباته على خطاب الوضوح والشفافية ولا يضيره أن يعقد علاقات مع إسرائيل ما دام أن هذه العلاقات لا تمس جوهر القضية الفلسطينية بقدر ما تشكل دافعا أساسيا وحاسما للدفع بعملية السلام.
ويعي المغرب جيدا أن التقريب بين وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية لن يتحقق عن بعد بقدر ما يخدم الاقتراب من الطرفين على نفس المسافة مناسبة سانحة لرتق ما انفرط ولتمكين الفلسطينيين من سلام دائم في فلسطين، أما تجار القضية فهو يأملون استمرار الحال على ما كان عليه.
ولأن في قلوب الـ”كابرانات” مرض فإنهم وبإثارتهم ما يشجر بينهم والمغرب خلال زيارة عباس أبو مازن للجزائر ما يشي أن الدعوة جاءت نكاية في المغرب ومحاولة رد الصاع، بعدما سبق أن استقبلت المملكة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” على رأس وفد من 12 شخصية قيادية.
وحين زيارة وفد “حماس” لم يند عن فم أي مغربي أن الزيارة جاءت ضدا في الجزائر أو “تبُّونها” الذي يذكر المغرب متى أحس بحاجة للمداعبة، لماذا؟ لأن المغرب والمغاربة يعون جيدا أن القضية الفلسطينية للجميع ولا حاجة لأكل الثوم بفم الأغيار، كما لا حاجة له لأن يثبت دعمه اللا مشروط للقضية في كل حين.
وبالعودة إلى زيارة عباس أبو مازن، فهو لا يدري أنها الآن في نظر “كابرانات” الجزائر فرصة يحاولون بها التسجيل في مرمى المغرب، أو أنه يدري ذلك جيدا بعدما عاين “خصمه” اللدود زيارة إسماعيل هنية وهو يزور المملكة سابقا، وآنذاك قرر الدحول في لعبة الـ”كابرانات”.. وهو أمر لن يقدر عليه مثلما يقدر على العيش على آلام الفلسطينيين والاغتناء على ظهورهم.