تفصح النرجسية المفرطة في تقديس الذات المتوغلة، والمتغولة داخل منظومة الإعلام بمدينة مراكش على أن الأمور لا تسير في الإتجاه الصحيح، وآن آفة هذه النقيصة تكاد تصيب رؤوسا حان أوان تقويمها، وتشديدها بالتي هي أحسن وأقوم.
النصيحة والنصح أبلغ رسالة، وتضمن القضاء على كل الأدواء، ومن باب أولى وأحرى أن يتبادل المشتغلون بالإعلام النصح بينهم درءا لتنامي أمراض بدأت علاماتها تشتشري ورائحتها تفوح.
في الجسم الصحافي من يحتاجون إلى التوجيه والرشد والإرشاد، بالدفع بالتي هي أحسن، باعتبارها المنهج القويم الموصى به عقائديا وأخلاقيا.
القوامة في الإعلام لا تأتي ولن تأتي ممن يعتبرون أنفسهم خارج التصنيف ويمتلكون مفاتيح الحقيقة وحدهم دون سواهم، أو من الديكة الرومية التي تنتفخ زهوا كلما حركتها غريزة التعالي أمام فراخ لا حول لها ولا قوة.
ليس كل من وجد نفسه بالضرورة، أو بمقصدية مفتعلة داخل الجسم الإعلامي وهو لا يملك أبسط مقوماته، هو إعلامي بكل ما تحمله الكلمة من دقة المعنى، وما تحيل إليه من قصدية قوامها النبل الإعلامي الذي يعز وينذر أن يتحقق بمدينة مراكش، اللهم إلا تمثلات خجولة تكاد تمحي وسط وباء الوصولية والإنتهاز الجاثم على الواقع.
زعماء كثر بالمدينة، كل يحاول أن يغني على ليلاه، وكل يدعي أنه يمتلك “كارزمية” الزعامة، وما هو بذلك، إن هو إلا مكابر يحاول أن يموقع نفسه في دفة القيادة، يود جاهدا إيجاد سدنة يحسنون النفخ في التراب، وتصدر منهم قعقعة دون عجاج.
السيوف المغلولة لا تكسب المعارك في الحروب تماما، كما لا تنجح في الزعامات الورقية في اكتساح رقعة المعارك، فتؤثر سلامة الأبدان قبل سلامة الأوطان.
ومن الغريب أن تنتقل عدوى الزعامة إلى السدنة، فيتمثلون سلوك أوصيائهم، ويعمدون إلى فرض تصورات أسيادهم بالمباشر والملموس.
ما وقع لأحد المصورين المنتمي إلى جريدة “الوطنية جورنال” وموقعها الإليكتروني، يثير الإستغراب، كما يثير “الإشفاق”، الإستغراب من حيث إقبال البعض على وصف مصور بما يبعده عن “المهنة” في صفة “الإنتحال” دون سعي وراء الحقيقة أو امتلاك لدليل يثبت زعمهم، ودون تقدير لجريدة الوطنية جورنال التي ينتمي إليها المستهدف ومن خلاله موقع الجريدة من الحملة المسعورة، والإشفاق من حيث أن الفاعلين وضعوا أنفسهم موضع مظنة المساءلة التي لو تمت لقضي الأمر، ولعضوا على أصابع الندامة ” ولات حين مناص”.
اللبيب بالإشارة يفهم، مقولة تصلح لكل زمان كما تصلح لمقتضى الحال، فالشخص الذي يتخبطه المس من سوء الفهم وما شاكل، أو من عدم تقدير العواقب مدعو إلى أن يكون لبيبا، لبقا، يكيل الأمور بميزان التحري، ويسعى إلى فرز المتناقضات لتحويلها إلى تكامل يغني الميدان، ويفعل القيم بعيدا عن “النرفزة” والتدين بعقيدة “الإقصاء”، والتمذهب بمذهب “التشرذم”، لمجرد الإختلاف في الرأي أو التباين في “الممارسة” و”السلوك”، الذي ضاعف من غلواء الحلقية داخل مدينة مراكش، التي يقصم ظهرها أكثر من مشكل يدعو إلى التأمل، والتحليل بدل التراشق بالحركات “البهلوانية”، و “مجيج” القول، واللذات إن لم يؤخرا لن يقدما، مدينة ترفض أن تكون مهوى للتمزق والشتات، يأبى تاريخها أن تؤول إلى سقيفة يلجأ إلى اللواذ بها كل قوال، هماز، أثيم.
نبالة الفعل الإعلامي تقتضي لم الشعث، وإشاعة ثقافة التواصل بين جميع مكونات الجسم الإعلامي، عوض السعي إلى تأجيج المشاحنات عن طريق رؤية تقوم على الإستحواذ على المشهد الإعلامي بالمدينة، والهوس بتقديس الذات، وتضخيم “الأنا”، وإشاعة ثقافة “الإقصاء” التي قد تعزل المروجين لسلعتها إن آجلا أو عاجلا، ويلقي بهم في دائرة “الإتهام” ثم “النسيان”، “إن هو إلا صبح، أو بعضه. أليس الصبح بقريب”.