فادي عيد
ادركت الرياض أن المحور التركي السعودي القطري لن يعود على قوته الاولى فى ظل ابتعاد الدوحة عن التنسيق مع الرياض و انقرة، و هو الامر الذى اطلق عليه حمد بن جاسم وزير خارجية قطر الاسبق رصاصة الرحمة بعد تصريحه علنية و بكل وضوح عن المنافسة التى كانت بين السعودية و قطر لقيادة الحرب بالميدان السوري، كذلك فطنت الرياض لتوجه أنقرة الجديد بعد ان ادركت أنقرة خطورة مشروع الدولة الكردية جنوب حدودها، الامر الذى جعل اردوغان يتردد فى التقدم بكثير من المواقع المشتعلة بسوريا و يفتح اتصال ولو غير مباشر مع نظام الاسد فى ظل كثافة الاتصالات مع طهران و التى توجت مؤخرا بأعلان غرفة الصناعة بإسطنبول عن تأسيسها لمنطقة صناعية في إيران تتكون من 140 وحدة تبلغ كلفة مرحلتها الأولى 10 مليارات دولار أمريكي، و هنا لم تجد الرياض حلا الا بالتوجه المباشر نحو صاحب البوصلة بواشنطن و التحدث مع الجانب الامريكي، و لكن جاء التحدث هناء بصيغة و لهجة مختلفة و بأفكار جديدة و أكثر إغراء، فقد غلف ملف الازمات بكلا من سوريا و اليمن و العراق بغلاف اقتصادي مغري و ثمين للغاية، و كان لتلك الملفات الاقتصادية التى تقدم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للجانب الامريكي فعل السحر، فبعد 24 ساعة من زيارة الرجل الاقوى فى المملكة لواشنطن، وجه وزير الخارجية الامريكي جون كيري تصريحا لموسكو قائلا صبر أمريكا فى سوريا له حدود، و باليوم التالي أقر مدير وكالة الاستخبارات الامريكية جون برينان أمام مجلس الشيوخ بأن جهود بلاده لم تحد من قدرات داعش و ان نظام الاسد بات اقوى من الاول بفعل الدعم الروسي، و باليوم التالي تقدم أكثر من 50 موظف بالخارجية الامريكية بطلب إلى الرئيس باراك أوباما بعريضة يطالبون فيها بتوجيه ضربات عسكرية مباشرة لدمشق من أجل التخلص من الأسد، و باليوم التالي ترد على تلك الخطوة المتحدثة باسم البيت الأبيض جنيفر فريدمان و تقول إن الإدارة الأمريكية ترحب بأي مداولات حول تحديات السياسة الخارجية الأمريكية و أن وزير الخارجية جون كيري يتطلع لقراءة المذكرة و أن الإدارة الأمريكية منفتحة على الأفكار الجديدة المتعلقة بالملف السوري، و بالتزامن كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بمؤتمر صحفي بواشنطن يعيد نفس تصريحاته التى لم تتغير حرف واحد تجاه كافة ملفات الاقليم منذ ان تولى حقيبة الخارجية السعودية و فى مقدمتها التخلص من الاسد بأي شكل، و جاء ذلك المؤتمر قبل أن يطلب ديفيد غولدفين رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي بضرورة السماح بإسقاط طائرات روسية و سورية تمهيدا لاقامة منطقة حظر جوي .
كما يجب ان ننظر لزيارة ولي ولي العهد السعودي لواشنطن بدعوة من الجانب الامريكي فى اطار الاوضاع بداخل البيت السعودي فى ظل الحالة الصحية لولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف و خادم الحرمين صاحب الثمانون عاما، فواشنطن الان تدرس بعمق مستقبل السعودية و اخر طموح الملك الشاب، و كيف سيخوض حربه الاقتصادية بعد حربه العسكرية باليمن .
حقيقة الامر السعودية كل ما يعنيها بالملف السوري هو رحيل بشار الاسد، خاصة و ان السعودية لم تترك اي مجال اخر او بديل لرحيل الاسد خلال تدخلها بالملف السوري، و بات نجاح ادارتها الشابة مرهون برحيل الاسد خاصة بعد أزمة اليمن و تداعياتها التى لم و لن تنتهي، اما الولايات المتحدة فلا يعنيها بقاء الاسد من عدمه و لا حتى مصير حلفائها الاقليميين بقدر اهتمامها ببقاء روسيا فى الوحل السوري لاطول فترة ممكنة، فى ظل ما يعانيه الاقتصاد الروسي من ازمات بسبب أسعار النفط و العقوبات الغربية القاسية على موسكو، فى ظل حالة التربص العسكري و تحركات الناتو الجديدة بشمال اوربا و دول البلطيق، و هو أمر يمثل تهديد حقيقي و غاية الخطورة على روسيا و أمنها فى ظل التجارب الصاروخية الامريكية الجديدة و فى ظل ما تنفذه واشنطن من فرد عضلات بكافة أراضي القارة العجوز .