كسر الزلزال الذي ضرب غرب المغرب بقوة 6.8 درجات في الثامن من شتنبر من السنة الماضية، صمتا زلزاليا دام لمدة ـ63 عاما، منذ وقوع آخر زلزال قوي في عام بالمغرب سنة 1960، مما دفع كثيرا من الباحثين حول العالم إلى محاولة دراسة تفاصيل هذا الحدث النادر، وجاءت المفاجأة من فريق بحثي صيني، خرج بنتيجة “غير متوقعة” حول أسباب هذا الزلزال.
وتحدث معظم الأنشطة الزلزالية في المغرب بالقرب من جبال الريف إلى الشمال من مركز الزلزال الأخير، حيث تلتقي الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسية، ولكن الزلزال الأخير حدث في منطقة عميقة تحت سطح جبال الأطلس، وبعيدا عن منطقة التقاء الصفائح، كما كشف الباحثون من قسم “علوم الأرض والفضاء بجامعة العلوم والتكنولوجيا الجنوبية” ب “شنتشن” بالصين في دراسة نشرتها دورية “جيوفيزيكال ريسيرش ليترز“.
ولتقريب هذا الاكتشاف، تخيل أن سطح الأرض يشبه قشرة بيضة متشققة، تتكون من قطع كبيرة سميت الصفائح التكتونية، مثل الصفائح الأفريقية والأوراسية، وتحدث الزلازل عادة على هذه الشقوق (منطقة التقاء الصفائح)، ولكن الزلزال الأخير كما تشير الدراسة، حدث بعيدا عن تلك الحواف “المتشققة” النموذجية، عميقا تحت سطح جال الأطلس.
ويقول الأستاذ بقسم علوم الأرض والفضاء بجامعة العلوم والتكنولوجيا الجنوبية بالصين، “كيجي شين” في تصريحات لـ “الجزيرة نت“، إنه “في هذه المنطقة، ترتفع جبال الأطلس الكبير بمرور الوقت، ليس بسبب الحركة البطيئة للصفائح التكتونية، ولكن نتيجة لنشاط عميق داخل وشاح الأرض، يسمى (ارتفاع الوشاح)، ونعتقد أن هذا النشاط ربما يكون سبب الزلزال، وليس حركة الصفائح المعتادة”.
ونشأت الهزة الأرضية، المسببة لهذا الزلزال على عمق غير عادي، حيث بدأت في نظام صدع يعرف باسم (تيزي نتيست) على عمق نحو 26 كيلومترا، وهو صدع كبير في قشرة الأرض تحت منطقة الأطلس الكبير، وأدى نشاط ارتفاع الوشاح إلى وضع المزيد من الضغط على هذا الصدع، مما جعله أكثر عرضة للانكسار والتسبب في حدوث زلزال.
وإذا تخيلنا أن وشاح الأرض عبارة عن قدر عملاق من الماء الذي يغلي ببطء تحت قشرة الأرض، وتحت جبال الأطلس الكبير، يوجد جزء من الوشاح يرتفع، مثل فقاعة تدفع إلى الأعلى، ويخلق “الوشاح المرتفع” هذا ضغطا على القشرة فوقه، على غرار الطريقة التي يدفع بها الماء المغلي غطاء القدر إلى الأعلى، وبمرور الوقت، يتراكم هذا الضغط ويسبب إجهادا للقشرة، لاسيما إذا كانت هذه القشرة بها صدوع مثل “صدع “تيزي نتاست”.
ويقول شين: “في هذه الحالة، وضع ارتفاع الوشاح المزيد من الضغط على صدع (تيزي نتاست)، وهو صدع كبير في قشرة الأرض تحت منطقة الأطلس الكبير، مما جعله أكثر عرضة للانكسار والتسبب في حدوث الزلزال”.
كيف حدث هذا الاكتشاف؟
ووفق الدراسة، فقد لجأ الفريق البحثي إلى 3 أدوات للتوصل إلى تلك النتائج، كان أولها “التصوير بالرادار عبر الأقمار الصناعية”، حيث يتيح ذلك التقاط صورة للأرض من الفضاء قبل وبعد الزلزال، حيث تتيح مقارنة “قبل وبعد” للعلماء إنشاء خرائط مفصلة توضح مقدار تحرك الأرض. واستخدم الباحثون في الدراسة بيانات قمر صناعي يسمى (سانتنال-1 إيه)، لإنشاء خرائط توضح كيف تحركت الأرض على جانبي الصدع، حيث وجدوا تحرك أحد الجانبين لأعلى حوالي 15 سنتيمترا، وغاص الجانب الآخر بمقدار 5 سنتيمترات، وساعدت هذه الخرائط في تحديد مكان الصدع وكيف تصرف أثناء الزلزال.
أما ثانية الأدوات، فهي “تسجيلات الموجات الزلزالية”، التي توفرها أجهزة قياس الزلازل الموجودة في جميع أنحاء العالم، ومن خلال تحليل الإشارات التي ترصدها، يمكن للباحثين فهم مدى سرعة الزلزال ومكانه، وكيف انتقلت الطاقة عبر الصدع، وساعدهم ذلك على رؤية كيفية تطور الزلزال في الوقت الفعلي.
ثم أخضع الباحثون ما توفر من بيانات عبر الطرقتين السابقتين للأداة الثالثة وهي (الانعكاس البايزي)، وذلك للتحري من دقة البيانات .
المصدر: الجزيرة نت