استراتيجيات مبتكرة لضمان الأمن المائي بالمغرب
يواجه المغرب تحديات كبيرة في مجال إدارة موارده المائية، إذ تعد المياه الجوفية أحد المصادر الأساسية التي تأثرت بشكل ملحوظ جراء التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف.
ومع تراجع مستويات هذه المياه في العديد من المناطق، تبرز الحاجة الملحة إلى وضع استراتيجيات فعّالة لضمان استدامة هذا المورد الحيوي. في هذا السياق، تسعى وزارة التجهيز والماء إلى تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى تقليص استنزاف المياه الجوفية وتعزيز الأمن المائي في البلاد.
حلول مبتكرة لربط الأحواض المائية
يعد مشروع الربط بين الأحواض المائية أحد الحلول الرئيسية التي يعتمد عليها المغرب لمواجهة التحديات المائية. من أبرز هذه المشاريع ربط حوض سبو بحوض أبي رقراق، والذي أسهم بشكل كبير في نقل فائض المياه إلى المناطق التي تعاني من نقص في الموارد المائية، مما يقلل من الاعتماد على المياه الجوفية. في إطار هذه الجهود، تم تخصيص نحو 70 مليون متر مكعب سنويًا لحماية فرشة برشيد التي تشهد استغلالًا مفرطًا، مما يشكل خطوة مهمة نحو ضمان استدامة هذه الموارد.
مشاريع إضافية لتوسيع الربط المائي
في إطار تحسين إدارة المياه، تستمر المملكة في تنفيذ مشاريع جديدة تهدف إلى رفع الكفاءة في نقل المياه. من بين هذه المشاريع، زيادة كمية المياه المحولة بين الأحواض المائية لتصل إلى 800 مليون متر مكعب سنويًا. وتشمل هذه المشاريع الربط بين حوضي أبي رقراق وأم الربيع، وكذلك بين حوض سبو وحوض لاو، مما يعزز التكامل بين الأحواض المائية ويزيد من مرونة النظام المائي في البلاد.
التحلية كحل استراتيجي لتوفير مصادر مائية جديدة
أحد الحلول الاستراتيجية التي تعتمد عليها المملكة لتوفير مياه إضافية هو تحلية مياه البحر. حاليًا، يوجد في المغرب 16 محطة تحلية مياه، تنتج حوالي 277 مليون متر مكعب سنويًا، ومن أبرز هذه المحطات محطة أكادير التي دخلت حيز الخدمة عام 2022. إضافة إلى ذلك، هناك خمس محطات أخرى قيد الإنجاز، من بينها محطة الدار البيضاء، التي تعد الأكبر في إفريقيا، بسعة إنتاجية تصل إلى 300 مليون متر مكعب سنويًا.
ترشيد استهلاك المياه وتعزيز الاستدامة
لا تقتصر الجهود على تأمين مصادر جديدة للمياه، بل تشمل أيضًا ترشيد استهلاك المياه في مختلف القطاعات. ويعمل المغرب على تطوير استراتيجيات تهدف إلى تغذية الطبقات الجوفية، والحد من الضخ العشوائي للمياه الجوفية، بالإضافة إلى تعزيز استخدام المياه العادمة المعالجة في الزراعة والصناعة. وتستهدف هذه المبادرات تعبئة نحو 1.7 مليار متر مكعب من المياه سنويًا بحلول عام 2030.
التحديات في المناطق المتأثرة
في المناطق التي شهدت تراجعًا حادًا في مستويات المياه الجوفية، مثل سوس ماسة وبرشيد والحوز، يتطلب استرجاع الفرشات المائية إلى وضعها الطبيعي اتخاذ تدابير إضافية، بما في ذلك إشراك المستغلين المحليين في إدارة الموارد المائية. إن ضمان استدامة هذه الموارد يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية من أجل تحقيق توازن بين الاحتياجات المائية والقدرة الاستيعابية للفرشات الجوفية.
من خلال هذه الجهود المتكاملة، يسعى المغرب إلى مواجهة تحديات الأمن المائي وضمان توفير مياه كافية للأجيال القادمة.