المغرب يقترب من نادي الكبار في تكنولوجيا الطيران الكهربائي…”التاكسي الطائر” عنوان مرحلة صناعية جديدة
يواصل المغرب تعزيز مكانته كفاعل صناعي استراتيجي في مجال تكنولوجيا الطيران، من خلال انخراطه الرسمي في أحد أبرز المشاريع الدولية الواعدة في النقل الجوي المستدام: تصنيع الطائرة الكهربائية العمودية المعروفة عالميًا بـ”التاكسي الطائر”.
هذا التحول النوعي جاء ثمرة شراكة استراتيجية طويلة الأمد، جمعت بين الشركة البريطانية الرائدة في مجال الطيران الكهربائي “Vertical Aerospace”، والمجموعة الإسبانية “Aciturri Aerostructures” المتخصصة في هياكل الطائرات، والتي عززت حضورها الصناعي بالمغرب منذ استحواذها على وحدة صناعية متطورة بضواحي الدار البيضاء سنة 2023.
الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه مطلع الأسبوع الجاري، ينص على تولي المجموعة الإسبانية – انطلاقًا من وحدتها الإنتاجية بالمغرب – تصنيع الهيكل الكامل للطائرة الكهربائية “VX4″، وهي طائرة تنتمي لفئة eVTOL (الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي)، مصممة لنقل أربعة ركاب بالإضافة إلى الطيار، بسرعة تصل إلى 240 كيلومترًا في الساعة.
وتشمل الشراكة، وفق ما جاء في البيان الرسمي، مهام الهندسة المتقدمة، وتطوير المكونات الحيوية للطائرة، وتأمين منظومة إنتاج مرنة وقابلة للتوسع، وهو ما يعكس الرهان على الكفاءة المغربية في مرحلة تصنيع معقدة تتطلب دقة عالية وسلسلة توريد عالمية مترابطة.
المغرب، من خلال هذا المشروع، لا يكتفي بدور المصنّع فحسب، بل يكرّس موقعه كلاعب مركزي في الصناعات التكنولوجية الدقيقة، مستفيدًا من التراكم الصناعي الذي حققه في قطاع الطيران على مدى العقدين الأخيرين، ومن جاذبية بنيته التحتية، واستقراره السياسي، وعمقه الإفريقي.
وتعزز أهمية هذا المشروع بعدد الطلبات المسبقة التي تلقتها شركة “Vertical Aerospace”، والتي فاقت 1500 طلب من شركات طيران كبرى من قبيل “أمريكان إيرلاينز” و”طيران اليابان”، ما يمنح المشروع بعدًا تجاريًا وصناعيًا ضخمًا، ويضع المغرب في قلب دينامية دولية لتحول النقل الجوي نحو الطاقة النظيفة.
هذا الإنجاز يندرج ضمن رؤية وطنية متكاملة للتموقع في قطاعات المستقبل، خصوصًا في ظل دعم مؤسساتي متواصل لتطوير منظومة صناعية ذكية، تشمل التكوين والتأهيل، وتحفيز الاستثمار الأجنبي، وخلق جسور حقيقية لنقل التكنولوجيا والمعرفة.
وإذا كان العالم يتجه نحو حلول نقل أكثر استدامة، فإن المغرب يبدو عازمًا على أن يكون جزءًا من هذا المستقبل لا مستهلكًا له فقط، بل مساهمًا فعليًا في تصميمه وصنعه. “التاكسي الطائر” ليس مجرد مشروع صناعي، بل هو عنوان لمرحلة جديدة، عنوان لقدرة المغرب على الصعود بخطى ثابتة نحو نادي الدول المصنعة للتكنولوجيا الجوية المتقدمة.