إعلام العسكر يعلن الهزيمة: “الشروق” تكتب شهادة سقوط النظام الجزائري أمام المغرب

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في خطوة تعكس عمق الارتباك داخل دوائر الحكم بالجزائر، لجأ إعلام النظام العسكري مجددًا إلى حملاته الدعائية ضد المغرب، في محاولة بائسة لإخفاء حجم التصدع الداخلي، بعد أن بدأت مؤشرات الهزيمة تتسلل حتى إلى أكثر المنابر الموالية للعسكر تطرفًا.

صحيفة “الشروق”، التي اعتادت أن تكون لسان الدفاع عن المؤسسة العسكرية، نشرت مؤخرًا مقالًا موسومًا بعنوان: “الدور الوظيفي للرباط يحتم على الغرب التكفل بتوفير الحماية له”، وهو نصٌّ لا يختلف في جوهره عن سابقاته، سوى في كونه اعترافًا ضمنيًا بأن النظام الجزائري فقد زمام المبادرة، وأن الدعاية القديمة القائمة على نظرية “المغرب المحمي من الغرب” لم تعد تقنع حتى صانعيها.

مصادر تحليلية أكدت أن ما نشرته “الشروق” لا يرقى إلى مستوى المقال السياسي الرصين، بل هو نصٌّ أُعدّ بتوصية مباشرة من دوائر القرار داخل ثكنات العسكر، يهدف إلى امتصاص غضب الشارع الجزائري، الذي بدأ يعي أن ملف الصحراء المغربية، الذي التهم أزيد من 500 مليار دولار من أموال الشعب الجزائري خلال خمسة عقود، يقترب من نهايته المحتومة لصالح المغرب.

الاعتراف بالفشل في الجزائر مسألة محرمة، لذلك يصر النظام على العودة إلى نفس الخطاب البالي، متهمًا المغرب بأنه “صنيعة غربية” وأن باريس وواشنطن “تتدخلان لإنقاذ عرشه كلما اهتز”. غير أن الواقع الدولي يكذّب هذه السردية المتهالكة، إذ تؤكد المعطيات أن المغرب اليوم فاعل استراتيجي مستقل، تربطه علاقات متينة ومتكافئة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والتنمية الإفريقية.

وليس من قبيل المجاملة أن يُمنح المغرب هذه المكانة، بل نتيجة لاستقراره السياسي ومصداقيته الدبلوماسية ورؤيته المتقدمة في إدارة الشأن الداخلي والخارجي، في وقت ما تزال فيه الجزائر أسيرة خطاب أيديولوجي عتيق يرى في كل شراكة “تبعية” وفي كل علاقة “وصاية”.

أما محاولة “الشروق” الزجّ بفرنسا في كل تقدم مغربي، فهي استمرار لنفس المنطق العقدي الذي يرى في الآخر مصدر تهديد دائم. ففرنسا، كما أوضح محللون، لا تملك سلطة على القضاء الأوروبي ولا على مؤسساته المستقلة، وموقفها من ملف الصحراء واضح، إذ تعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية الإطار الأكثر واقعية وجدية لحل النزاع، وهو الموقف ذاته الذي تتبناه دول أوروبية كبرى مثل ألمانيا وإسبانيا وهولندا.

وبالمثل، فإن تصوير الولايات المتحدة كمنقذ “للقصر العلوي” حسب رواية الشروق، ليس سوى قراءة سطحية لعلاقاتٍ عميقة ومتوازنة. فالمغرب حليف رئيسي لواشنطن من خارج حلف الناتو منذ سنة 2004، وهو وضع لا يُمنح إلا للدول التي أثبتت قدرتها على الإسهام في الاستقرار الإقليمي ومكافحة التطرف والإرهاب.

تحليل الخطاب الإعلامي الجزائري اليوم يكشف أزمة بنيوية في فهم التحولات الجيوسياسية، ومحاولة تعويض العجز الداخلي بإنتاج عدو خارجي دائم. فالنظام الذي فشل في تحقيق التنمية، وفي إقناع شعبه بمسار سياسي ديمقراطي، لا يجد سوى مهاجمة المغرب لتبرير الإخفاقات المتكررة وسوء تدبير الثروة الوطنية.

ويؤكد خبراء أن ترديد مفهوم “الدولة الوظيفية” في الإعلام الجزائري ليس توصيفًا سياسيًا، بل إسقاط نفسي لنظام يعتمد في بقائه على الريع النفطي والتحالفات الظرفية، في حين بنى المغرب سياسته الخارجية على الندية والسيادة واحترام الشركاء، دون التفريط في قراره الوطني المستقل.

في المحصلة، يظهر أن مقال “الشروق” ليس سوى فصل جديد من رواية قديمة فقدت تأثيرها، وشهادة ضمنية على أن النظام الجزائري يعيش مأزق الاعتراف بالواقع، بعد أن أدرك أن المشروع المغربي يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ موقعه الإقليمي والدولي، بينما تغرق الجزائر في دائرة التبرير والتضليل.

المغرب اليوم لا يحتاج إلى من “يحميه”، لأنه ببساطة أصبح نموذجًا في الاستقرار والسيادة والوضوح الاستراتيجي، أما خصومه، فما زالوا يبحثون في ذاكرة الماضي عن انتصار وهمي يعوض فشل الحاضر.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.