عندما تسرق البرمجيات أنفاس الإنترنت: أكبر تسريب لكلمات المرور يهز العالم الرقمي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لم يكن أحد يتوقع أن صباح هذا الأسبوع سيحمل معه زلزالاً رقمياً بهذا الحجم. في لحظة عابرة، اكتشف ملايين المستخدمين أن كلمات مرورهم، التي طالما اعتقدوا أنها آمنة خلف جدران الإنترنت، أصبحت فجأة في متناول الغرباء.

الخبر الذي دوّى في أرجاء الشبكة العالمية جاء من شركة الأمن السيبراني Synthient، التي كشفت عن تسريب هائل يضم أكثر من 183 مليون كلمة مرور. لم يكن مجرد اختراق عادي، بل عملية منظمة بدقة مذهلة، استخدمت فيها برمجيات خبيثة تعمل في صمت، تتسلل إلى الأجهزة وتسرق المفاتيح الرقمية للحياة اليومية: الحسابات، البريد الإلكتروني، الوصول البنكي، والهوية الافتراضية ذاتها.

حجم التسريب وحده كافٍ لإصابة الخبراء بالذهول: أكثر من 23 مليار سجل بيانات، تعادل 3.5 تيرابايت من المعلومات المسروقة. تلك البيانات أضيفت سريعاً إلى قاعدة موقع “Have I Been Pwned”، الذي تحوّل إلى مرآة تعكس هشاشة العالم الرقمي الحديث.

لكن الصدمة الأكبر كانت في التفاصيل:
الاختراق لم يستهدف خوادم كبرى الشركات كما ظن البعض، بل استهدفنا نحن، المستخدمين العاديين. كانت البرمجيات تعمل من داخل حواسيبنا وهواتفنا، تسجل كل ضغطة مفتاح وكل دخول إلى حساب. حصان طروادة عاد للحياة، ولكن هذه المرة بلغة البرمجة.

شركة غوغل سارعت إلى نفي أي خرق لأنظمتها، مؤكدة أن جذور الأزمة “محلية” داخل أجهزة المستخدمين، لا “سحابية”. ورغم ذلك، فإن الحادث أعاد إلى الواجهة السؤال المؤرق:

هل انتهى عصر كلمات المرور؟

الخبير الأمني تروي هنت، مؤسس “Have I Been Pwned”، قال إن هذا التسريب ليس مجرد حدث تقني، بل منعطف فلسفي في علاقة الإنسان بالبيانات. “البرمجيات أصبحت تفهمنا أكثر مما نفهم أنفسنا، وتترصدنا بصبر المجرم الذكي”، يقول هنت.

في أروقة المختبرات الأمنية، يتحدث الخبراء عن زمن جديد، حيث لا تكفي الحروف والأرقام لحماية حياتنا الرقمية. العالم يتجه نحو مفاتيح المرور (Passkeys)، وأنظمة التحقق المتعدد، والهوية الرقمية اللامركزية. كلمات المرور، كما نعرفها اليوم، تعيش أيامها الأخيرة.

حتى ذلك الحين، يبقى الدرس واضحاً:
الأمان يبدأ من الوعي. لا تضغط على كل رابط، لا تثق بكل إعلان، ولا تترك بياناتك مكشوفة في فضاء لا ينام. لأن ما سُرق اليوم لم يكن مجرد كلمات مرور…
بل جزء من ذاكرة العالم.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.