الإخلاص في العمل أساس بناء الأوطان وتحصينها من المآسي
لا يمكن لأي وطن أن يحقق النجاح والازدهار دون ترسيخ ثقافة الإخلاص في العمل وربط المسؤولية بالمحاسبة. فحين يتحول العمل من مجرد وظيفة إلى رسالة، يصبح التفاني ونكران الذات صمام أمان يحمي المجتمع من كوارث كان بالإمكان تفاديها، ويضع أسس تنمية حقيقية ومستدامة.
إن الإخلاص في أداء الواجب لا يعني فقط احترام ساعات العمل أو تنفيذ التعليمات، بل يتجسد أساسًا في استحضار المصلحة العامة في كل قرار، صغيرًا كان أم كبيرًا. فالمسؤول الذي يضع الوطن والمواطن فوق أي اعتبار شخصي، يساهم بشكل مباشر في تجنيب البلاد أزمات ومآسي، ويمنع تراكم الاختلالات التي غالبًا ما تنفجر في شكل فواجع إنسانية مؤلمة.
لقد كشفت مآسي مؤلمة، مثل ما حدث بفاس وآسفي، أن غياب الجدية والتراخي في تحمل المسؤولية قد تكون لهما كلفة باهظة، ليس فقط على مستوى الأرواح والممتلكات، بل أيضًا على مستوى الثقة في المؤسسات. هذه الأحداث لم تكن قدَرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لاختلالات في المراقبة، وسوء في التدبير، وغياب روح الإخلاص لدى بعض من أوكلت إليهم مهام حماية المواطنين وضمان سلامتهم.
إن نجاح الوطن رهين بنظام عمل واضح، صارم وعادل، يُكافئ المجتهد ويحاسب المقصر دون تمييز. فحين يدرك كل مسؤول أن منصبه تكليف لا تشريف، وأن الإهمال أو التهاون لن يمر دون مساءلة، تصبح الإدارة أداة بناء لا مصدر خطر، وتتحول المشاريع العمومية إلى رافعة للتنمية بدل أن تكون عنوانًا للفشل.
فالإخلاص في العمل ليس شعارًا أخلاقيًا فقط، بل هو ركيزة أساسية لضمان استقرار الوطن وازدهاره. فبوطن يحكمه مسؤولون مخلصون، ويُدار بعقلية استباقية ومسؤولة، يمكن تفادي تكرار المآسي، وبناء مستقبل آمن يليق بتضحيات المواطنين وتطلعاتهم.