إستكمل المؤتمر الوطني 17 لحزب الإستقلال المنعقدة أشغاله بالرباط في الفترة ما بين 29 و 30 شتنبر 2017، وكان أبرز ما ميزها إرجاء انتخاب الأمين العام للحزب إلى السبت 6 أكتوبر نفس السنة، في عملية تصويت قادت القيادي بالحزب نزار بركة إلى الأمانة العامة التي نافسه على مهمتها الأمين العام السابق حميد شباط، بالإعلان الإثنين 9 من ذات الشهر عن نتائج عملية التصويت لتشكيل جهاز اللجنة التنفيذية للحزب، التي أفرزت من بين أعضائها عضو المجلس الجماعي لمراكش، المستشار البرلماني، المنسق الجهوي لحزب الإستقلال بجهة مراكش- آسفي، عبد اللطيف أبدوح.
وجاء ظفر المنسق الجهوي لحزب الإستقلال بجهة مراكش- آسفي، عبد اللطيف أبدوح بمقعد في اللجنة التنفيذية، بعد أن منحته عملية التصويت على أعضاء اللجنة أحقية الوجود بهذا الجهاز الحزبي، بتحصله على 481 صوتا من مجموع الأصوات الصحيحة المعبر عنها خلال إجراء عملية التصويت التي التجأ إليها الحزب في موتمره الوطني 17، وخلافا للعادة التي دأب عليها حزب الإستقلال في تكوين اللجنة التنفيذية، التي غالبا ما تشكلت باقتراح المجلس الوطني للحزب لوائح متوافق عليها لتشكيل اللجنة، وتعثرت خلال انعقاد المؤتمر 17، فاسحة مجال التعبير عن الإرادة السياسية لحزب الإستقلال إلى صناديق الإقتراع التي تمخض عن نتائجها اجتياح لائحة حمدي ولد الرشيد لمقاعد اللجنة بالحصول على 27 مقعدا من أصل 28 مقعدا.
وبرأي متتبع محلي للعمل الحزبي بتنسيقية حزب الإستقلال بالجهة (ع- أ)، بأن حضور عبد اللطيف أبدوح باللجنة التنفيذية للحزب، مجرد تحصيل حاصل، وإن كان من المرتقب أن يحصل على عدد أكبر من الأصوات المعبر عنها خلال عملية الإقتراع، بالنظر إلى سعي استعادة الدور السياسي لحزب الإستقلال بمراكش بكيفية خاصة، وعلى مستوى الجهة بشكل أعم، واتخاذه من استراتيجية القرب من مؤسسات الحزب بالجهة أحد المرتكزات الرئيسية في عملية التواصل، تثبيا للمبادئ العامة التي ينهض حزب الإستقلال على مبادرة منها، ومكنته لمدد انتخابية طويلة من تصدر قائمة الأحزاب السياسية “الوطنية”، وبما يثبت الإستحقاق في الإضطلاع بالمسئولية الحزبية مركزيا، سيما، وأن التجربة القيادية المحلية وفي ما بعدها الجهوية، وتحمل شأن التدبير الجماعي بأكبر المقاطعات الإنتخابية آنذاك بمراكش، للإستقلالي عبد اللطيف أبدوح حادثة من جذور وعمق التشبع بتلك المبادئ التي يعتمدها حزب الإستقلال، بما هي مبادئ وطنية رام في تجربته إرساؤها وتجذيرها من خلال وضعها حكما في علاقاته بمؤسسات الحزب المحلية والجهوية والوطنية، قبل وجوده على رأس الهرم الجهوي لحزب الإستقلال بجهة مراكش- آسفي.
وأبرز ذات المتحدث، بأن هذه التجربة التي هي من صميم الرؤية السياسية لحزب الإستقلال، قد ظهر تأثيرها بدرجات متباينة، غير أنها تبقى ثابتة في العملية التواصلية للمنسق الجهوي للحزب بجهة مراكش- آسفي، من خلال ترؤسه للمؤتمرات الإقليمية التي تقدمت انعقاد المؤتمر الوطني 17 للحزب بالرباط، وطرحت إشكال استرجاع “الثقة” في العملية الحزبية، باعتبار “الثقة” العنوان الأبرز الذي شغل التوجهات التي دارت في أجواءها تلك المؤتمرات الإقليمية بالجهة، هذا، دون أن يستبعد منطق الأشياء، السياق الحزبي الوطني الذي آلت فيه قيادة حزب الإستقلال إلى عبد اللطيف أبدوح على مستوى الجهة، وتميز على الأقل خلال استحقاقين انتخابيين بنوع “الإهتزاز” في النتائح حتى لا يقال ب “التراجع” و”ومحدوية” الحصيلة الإنتخابية للحزب، وتأثيراتها في تقلص الدور الحزبي لحزب الإستقلال في التشكيلتين الحكوميتين اللتين ترتبتا عن هاذين الإستحقاقين، الإستحقاق النيابي في العام 2011 و 2016، وأعطيا رئاسة حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومتين، وحصول حزب الإستقلال في إطارهما على حقائب لم تعبر بحسب الآراء المرافقة لعملية التشكيل للحكومتين إلى فاعلية الدور السياسي والوطني لحزب الإستقلال، ولا تتماها مع قدراته التنظيمية ومواقفه التاريخية.
ووفقا لهذه المعطيات يتبنى نفس المتتبعين، أطروحة التغيير في الحزب التي قادها لولاية واحدة حميد شباط، الذي أحدثت مواقف من توجهاته السياسية شروخا في تنظيمات الحزب، لعل أوضح ما تشكل عنها “تيار بلاهوادة” المعارض القوي لتوجهات حميد شباط الذي راهن في ولايته على الهيمنة على القرار السياسي للحزب، والذي لا يواكب أو يتسق مع التعبيرات الحزبية حول مجمل القضايا الداخلية بشأن استعادة الحزب لدوره في العملية السياسية الوطنية، والقضايا الوطنية بشأن انخراط حزب الإستقلال في عملية التنمية والتي لم يقدم في شأنها رؤية واضحة المعالم. ومن ثمة جاء تغيير القيادة التي تعني تفكيك بنية الموثر الداخلي للتنظيمات التابعة للحزب، بناءا على الإرادة السياسية لحزب الإستقلال في المؤتمر الوطني 17 بالرباط، والذي انبثق عنه فوز القيادي نزار بركة بالأمانة العامة للحزب، وتعطيل العمل باقتراح المجلس الوطني في تشكيل اللجنة التنفيذية، والإحتكام إلى الإقتراع باعتباره الآلية الديمقراطية المفصحة عن الصوت المستقل بالحزب في دلالته الجمعية من خلال نظام اللائحة الذي يكرس للشفافية التي اقتضت صعود إلى جانب متزعم اللائحة الفائزة مولاي حمدي ولد الرشيد، ورئيس المؤتمر الوطني 17 لحزب الإستقلال، نور الدين مضيان، ومحمد سعود، وعبد الصمد قيوح، عبد اللطيف أبدوح الذي يعد انتخابه باللجنة لا يشكل ظاهرة، بقدر ما هو تتويج لمسار النضال الذي يتسم به انتماؤه لحزب الإستقلال الذي تدرج بمختلف تنظيماته وفي سن مبكرة بإقرار من المقربين والمطلعين على المشوار الحزبي والسياسي للمنسق الجهوي لحزب الإستقلال بجهة مراكش- آسفي، عبد اللطيف أبدوح.