عبد الرزاق أبوطاوس
يؤشر اعتزال “كوثر بوجليل” عِيْشَةَ الدنيا، وترك النعماء، والإنقطاع عن الحياة، والرحيل إلى دار البقاء بعد أن فاضت روحها في ألـ 15 دجنبر هذه السنة 2019، بقسم العناية المركزة بمستشفى الأم والطفل بالمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش الذي التحقت للرقود على سريره ملتمسة التدخل الطبي وطلبا للإستشفاء، على انغماس وحدات التخصص ومختلف الأقسام الْمُعَيَّنَةِ التفرد والإهتمام الموقوف والمكرس على شعبة بعينها من شعب الطب، في تسجيل “التقصير” و “التخلف” و “الإبطاء” في تناول طلب المداواة والإبراء ضمن الحق في التعافي وملازمة الحق الدستوري في العلاج والصحة، والإقبال عليه دون تسويفات “الخصاص في التجهيزات”، أو “محدودية الطاقة الإيوائية”، أو “النقص في الموارد البشرية الكفؤة”.
تسويفات تُرفع تزامنا مع اكتساب المركز لتقنيات المسح لتحديد أورام الدماغ (2017)، وتقنية المراجعة الدقيقة لمفصل الورك، وسبق للمستشفى أن أخضع إحدى المريضات من جمهورية الكونغو الديمقراطية في يناير هذه السنة، ضمن ما يقل عن شهر عن طلب الطفلة “كوثر بوجليل” الخضوع لإجراء عملية جراحية للإصابة بكسر بالورك، وبحيث أن انتفاع المريضة الكونغولية –شفاها الله- ونجاح المراجعة الدقيقة لمفصل الورك التي خضعت لها بالمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، يبطل دعوات التسويف ويحرق شماعته، ويجعلنا بالتالي أمام أوصاف “التغافل” و”التواني” و”الترك” و “الإعراض” و”الإفتراق” عن النص الدستوري والإنساني، وبالتالي أيضا، أمام سؤال “الإستثناء” في تقديم الخدمة الطبية بنفس المركز الذي عرف خلال الثلاثة أشهر الأخيرة تسجيل حالات إهمال فظيع على غرار حالة السل التي ظل حاملها دون عناية طبية بمستعجلات نفس المركز الإستشفائي خلال غشت نفس السنة 2019، وتقدمت خطورتها إلى ظهور فطريات على صدره من انسلاخ الجلد وظهور ديدان، وحاملة مرض السرطان التي تنحدر من جماعة أسيف المال، وفارقت الحياة الاثنين 28 أكتوبر نفس السنة 2019، بأمام الباب الرئيسي للمركز.
هكذا تعيد جائحة التوديع للطفلة “كوثر بوجليل”، جزءا من التقييدات التي حصلت خلال نفس السنة بالمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، واستقرت بمستشفى الأم والطفل بذات المركز الإستشفائي الجامعي منذ 02 دجنبر2019 بسبب إصابتها بكسر على مستوى ورك رجلها اليسرى، ولم تخضع للتدخل الجراحي إلا بعد أسبوع، الإثنين 9 نفس الشهر، بحسب المعلومات التي وفرها بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، والذي استزاد القول، بأن الطفلة “كوثر بوجليل”، تم نقلها بعد العملية مباشرة إلى مصلحة العناية المركزة بذات المستشفى في غيبوبة تامة، وأن الأسرة لم يتم تمكينها من معرفة أسباب غيبوبة الطفلة كوثر من إدارة المستشفى التي رفضت طلب الإطلاع على وضعها الصحي، ومدها بالتوضيحات الطبية في شأن الغيبوبة التي دخلت فيها الطفلة كوثر، ومن ثمة الإطمئنان على وضعها الصحي بعد إجراء العملية.
وسبق للجمعية الحقوقية، أن أصدرت بلاغا في الموضوع في 13 نفس شهر دجنبر نفس السنة 2019، عبرت فيه عن استغرابها الشديد من الفترة الزمنية الفاصلة بين ولوج الطفلة كوثر للمستشفى وتاريخ إجراء العملية الجراحية، ومن زمن وجودها بقسم العناية المركزة، وفي ما أعرب نفس بلاغ نفس الجمعية، عن الخشية من على صحة الطفلة كوثر المتحدرة من أحد دواوير قيادة تزارات التابعة لجماعة دائرة توامة بإقليم الحوز، وفي ما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، تفصح نفس المعلومات المتوفرة عن نفس البلاغ، الجهات المختصة بإطلاع والد الطفلة “كوثر بوجليل”عن وضعها الصحي، وتمكينها من ملفها الطبي، ومن كل التوضيحات والتفسيرات الضرورية، واتخاذ جميع التدابير والإجراءات الطبية لضمان حق الطفلة كوثر في العلاج حتى تسترجع عافيتها.
إلى هذا، أبدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، الخشية من أن يكون تأزم وضعها الصحي ناتج عن تقصير في المسؤولية أو خطأ طبي أو عرضي، وأديا إلى وفاتها، وفي ما طالبت نفس الجمعية من خلال نفس البيان، فتح تحقيق إداري وقضائي لتحديد أسباب وفاة الطفلة “كوثر بوجليل”، وترتيب الجزاءات القانونية الضرورية وجبر ضرر الأسرة طبقا لقواعد العدل والإنصاف ومحاسبة المسؤولين عن وفاة الطفلة.
على هذه الحصيلة التي هي تجسيد للخطب والضراء اللذين يعكسان التراجع المخيف والتردي المعيب، والإنهيار والسقوط المستهجنين والمرعبين في المنظومة الصحية بمراكش، والأدقع في استقبال هذه المنظومة لطالبي الرعاية الصحية، حيث يكب موازنتها ومناظرتها وتماثلها مع النص الإنساني في طلب العلاج، والمباينة والمغايرة للنص الدستوري، والمتخلفة عن استثمار قدراتها على مستوى التجهيزات والكفاءة في إحداث إصلاح لأدائها العلاجي، وتنويل طالبي العلاج خدمة طبية تستديم باستدامة تقدير المسئولية، الغائب الأغلب، المستتر الأكبر أيضا في المنظومة الصحية بمراكش.