وصفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في افتتاحيتها خطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للسلام بأنها ليست صفقة بل خداع. وقالت إن الخطة التي أعلن عنها الرئيس للسلام تقوم على فكرة سخيفة وهي قبول الفلسطينيين دولة بالاسم.
فمنذ اتفاقية أوسلو عام 1993 تزايدت الآمال بإمكانية إقامة دولة فلسطين على الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمة لها في القدس الشرقية. ولكن وثيقة إدارة ترامب تقدم كلاما فقط لذلك الكيان في الوقت الذي يقوم فيه بتقليص حجمه وتقطيع أوصاله بحيث لم يعد موجودا. وتفترض الخطة إمكانية نقل المدن الفلسطينية خارج نطاق إسرائيل وتحاول منع الفلسطينيين البحث عن العدالة ضد جرائم الحرب والتي يحاولون الحصول عليها الآن.
وتعلق الصحيفة ساخرة إن ترامب يتباهى بأنه صانع صفقات ولهذا عرض استثمارات بـ50 مليار دولار على الفلسطينيين لو تنازلوا عن حقوقهم الوطنية والمدنية. ولكن الفلسطينيين يرون فيه محتالا شاطرا في تقديم الوعود الفارغة.
وتعتقد الصحيفة أن هذه الوثيقة هي هدية للتيار المتطرف في أمريكا وإسرائيل، وتنهي التمثيلية التي يمكن أن يلعب فيها دونالد ترامب دور الوسيط في العملية السلمية. ولهذا السبب فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن زيارته إلى واشنطن هي أحلى ساعات عمره. فقد حذر مرة أن وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل هي خطر. ومن الواضح أن تقوم حكومته في الأيام المقبلة التصويت على عملية ضم المستوطنات في الضفة الغربية ووادي الأردن.
وتقول الصحيفة إن السخرية القديمة عن الفلسطينيين أنهم لا يضيعون فرصة لتضييع فرصة سلام، هي سخرية ليست مناسبة في ضوء الدعم الصارخ والوقح الذي يقدمه ترامب إلى إسرائيل وتجاهله الفلسطينيون في صياغة الخطة مما جعل نتنياهو يعمل ما يريد.
وتعتقد الصحيفة أن هذه محاولة واضحة من ترامب لمساعدة نتنياهو الذي يواجه انتخابات في إسرائيل. ويساعد نفسه فهو يواجه محاكمة في الكونغرس عبر تعبئة قاعدته الإنجيلية وتأكيد دعمها له.
وتقول الصحيفة إن الخطة تقوم بتقريب المسافة بين الواقع على الأرض والعبارات اللطيفة التي استخدمت لوصفها. وأصبحت إسرائيل تسيطر على المناطق ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن. فلو لم يتم نشوء دولتين قابلتين للحياة فالخيار هو دولة واحدة تقوم على احتلال دائم، كما أن محاولة إسرائيل البقاء كدولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت ومواصلة السيطرة على مكان يعيش فيه اليهود والعرب بكثرة سيضعها أمام مأزق. والمشكلة التي ستواجه إسرائيل هي كيف ستواصل الحفاظ على غالبية يهودية وديمقراطية في نفس الوقت.
ويمكن لإسرائيل العيش ضمن هذا التناقض طالما سمح لها ترامب بالتلاعب في القانون الدولي وبحصانة من العقاب. وبعد أكثر من نصف قرن من الاحتلال نشأ نظام ممأسس للعنصرية ضد الفلسطينيين. وستنتهز إسرائيل الفرصة التي تجاهلت فيها واشنطن القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومصادقتها على سياساتها غير القانونية والوحشية. ويريد ترامب خلق وقائع على الأرض. وبدون دعم فلسطيني للخطة فقد تظهر بعض الدول العربية فتورا تجاهها.
وتقول إن حل الدولتين هو نتاج للجهود السلمية التي قادتها أمريكا ضمن قواعد النظام الدولي الذي يمقته ترامب لأنه مضاد للقوة الفجة التي يريد من خلالها حكم العالم. وبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي فستكون بريطانيا رهينة لهذا النهج. ويجب رفض خطة الضم الأمريكية والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي. ولن يتحقق السلام بدون القبول بأخطاء الماضي، فقد دافعت واشنطن عن القانون الدولي لإدارة العلاقات العالمية، أما اليوم فهي تروج لقانون الغابة تقوم فيه كل دولة بالدفاع عن نفسها. ونحن نعيش لحظة أوقات خطيرة في العالم وليس الشرق الأوسط.