عاصمة الزهور بين بيئة ملوثة وهوية مهددة
رغم موقعها الاستراتيجي بين الرباط والدار البيضاء، وتربعها على واجهة الأطلسي بشواطئها الذهبية وحدائقها ذات الطابع الفرنسي، وفق وصف فاعلين بيئيين، تعيش مدينة المحمدية مفارقة صارخة بين المؤهلات الطبيعية والواقع البيئي والعمراني المتردي.
وحسب فعاليات بيئية، فإن مدينة المحمدية التي يفترض أن تكون ملاذا للسياحة والاستجمام، تحولت إلى “فضاء يعاني من اختناق بيئي وتدهور عمراني يهدد جودة حياة سكانها ويطمس هويتها الجغرافية”.
وأكد فاعلون بيئيون أن المحمدية بحكم تموقعها الجغرافي المتميز، مرشحة لتكون من بين المدن الأكثر ازدهارا، إلا أن الواقع على الأرض يحكي قصة مغايرة، مشيرين إلى أن “مظاهر التلوث بأنواعه، خاصة الصناعي، والنفايات المتراكمة، أضحت سمة بارزة في الأحياء والمرافق العمومية”.
وأضاف الفاعلون أن الزحف العمراني غير المنظم، الذي التهم المساحات الخضراء، وأفرز مشهدا عمرانيا يغلب عليه طابع العشوائية وانعدام التوازن بين البناء والإيكولوجيا.
وفي هذا السياق، قال سحيم محمد السحايمي، خبير في المجال البيئي، ورئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة، إن “الموقع الجغرافي لمدينة المحمدية، بين العاصمة الإدارية والعاصمة الاقتصادية، وعلى ضفاف الساحل الأطلسي، يوحي بشكل بديهي أنها بقعة سياحية واعدة ووجهة لكل باحث عن سكينة وراحة نفسية، لكن واقع الحال، وللأسف، لا يعكس هذه الصورة الجميلة”.
وأفاد أنه عوض أن تستفيد المحمدية من قربها الجغرافي للرباط والدار البيضاء، تجد نفسها وكأنها معزولة عن دينامية التنمية، بل وغارقة في مشاكل بيئية متفاقمة.
وتابع المتحدث عينه أن “المحمدية تعاني من تلوث صناعي خانق، نفايات متراكمة في الأحياء والمرافق العمومية، ومساحات خضراء تتقلص أمام زحف التكتلات العمرانية التي طغت على كل شيء”.
وأوضح الخبير البيئي أنه “تم القضاء على التنوع النباتي لصالح تنوع إسمنتي قاتل، مما انعكس سلبا على الصحة الجسدية والنفسية لساكنة المدينة، وفتح الباب أمام بيئة موبوءة أصبحت موضوع دراسة علمية في التلوث وآثاره”.
وزاد: “نحن، كفاعلين بيئيين بمدينة المحمدية، نطمح لرؤية واضحة ومُلحّة لخارطة طريق تنموية مستدامة، تضع حدا لهذا التحالف الخطير بين التوسع العمراني والتلوث الصناعي”.
وأردف: “نريد سياسة تشاركية ومندمجة، تنسجم مع التوجه الوطني نحو الطاقات المتجددة، وتحترم صحة المواطن وتضمن له بيئة نظيفة ووسطاً معيشياً لائقا يحترم احتياجاته الإنسانية والبيئية.”