رؤساء مجالس جماعية بين التدبير المحلي والطموح البرلماني: بين الحق السياسي والواجب الأخلاقي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في الأوساط السياسية الوطنية، تتزايد المؤشرات على أن عدداً من رؤساء المجالس الجماعية يخططون للتخلي عن مهامهم في تدبير الشأن المحلي من أجل خوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة. هذه الظاهرة، وإن كانت قانونياً مباحة، تثير جدلاً واسعاً حول مدى احترام المسؤولين المحليين لالتزاماتهم الانتخابية وواجبهم في الاستمرارية المؤسساتية.

الطموح السياسي مشروع ولكن…

لا شك أن الترشح للبرلمان حق دستوري مشروع لكل مواطن، بمن فيهم المنتخبون المحليون. فالطموح السياسي يُعدّ من ركائز الممارسة الديمقراطية، ويعكس رغبة الفاعل السياسي في توسيع تأثيره والمساهمة في التشريع الوطني.

لكن هذا الطموح لا ينبغي أن يكون على حساب الالتزامات السابقة. فالتخلي المبكر عن منصب رئاسة جماعة ترابية من أجل البحث عن موقع جديد يطرح تساؤلات أخلاقية، خاصة إذا تم ذلك في منتصف الولاية أو قبل إنجاز المشاريع الموعودة.

التدبير الترابي ليس محطة عبور

في ظل التحديات التنموية التي تعيشها الجماعات المحلية، فإن الرهان على كفاءات سياسية محلية فاعلة يُعدّ أساسياً لتحقيق التنمية. لذا، فإن النظر إلى رئاسة الجماعة كـ”محطة عبور” نحو البرلمان يقلل من أهمية هذا المنصب ويُضعف الثقة بين المنتخب والمواطن.

التسيير المحلي يتطلب حضوراً ميدانياً، تتبعاً يومياً، واستمرارية في تنفيذ البرامج. أما الغياب المبكر، أو التهييء المسبق للانتقال نحو البرلمان، فيُحدث فراغاً على مستوى القيادة، ويعرقل وثيرة التنمية.

الحاجة إلى إعادة النظر في التعاقد السياسي

ربما آن الأوان لإعادة طرح سؤال التعاقد السياسي بين الناخب والمنتخب. هل يكفي أن يفوز مرشح بمنصب رئيس جماعة ثم يغادره بعد سنتين؟ ألا ينبغي أن يُلزم المنتخبون أنفسهم بأخلاقيات الاستمرار في مهامهم حتى نهاية الولاية؟ وهل يمكن للمواطن أن يعبر عن رفضه لمثل هذه “الترقيات السياسية” عبر آليات المساءلة أو عدم التصويت في الانتخابات القادمة؟

بين الطموح المشروع والواجب الأخلاقي، يبقى على رؤساء المجالس الجماعية أن يوازنوا بين مصالحهم السياسية ومصالح ساكنة وضعوا ثقتهم فيهم. فالوطن لا يحتاج فقط إلى برلمانيين تحت القبة، بل إلى فاعلين محليين ميدانيين، يشتغلون بصمت وفعالية، ويُنجزون وعودهم على أرض الواقع..

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.