بنسعيد: حرية التعبير ثابت أساسي والحكومة ملتزمة بعدم التدخل في شؤون الصحافة
الرباط: جدد محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، التأكيد على أن حرية التعبير تمثل حجر الزاوية في صلب المشروع الديمقراطي المغربي، وذلك خلال اجتماع عقدته لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب.
وشدد الوزير على الالتزام الراسخ للحكومة بعدم التدخل في الشؤون المهنية للصحافة، ترسيخًا لمبدأ التنظيم الذاتي الذي يعتبر أساسًا لاستقلالية القطاع.
في سياق تفاعله مع مداخلات أعضاء مجلس النواب، التي تمحورت حول واقع حرية التعبير في المشهد الصحافي الوطني، أوضح بنسعيد أن الجدل القائم بشأن مشروعية اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير قطاع الصحافة والنشر يندرج ضمن الشؤون الداخلية التي تخص المهنيين أنفسهم.
وأفاد بأن وزارته قد استكملت بالفعل إعداد مسودة متكاملة لمدونة جديدة للصحافة والنشر، والتي ستعرض قريبًا على أنظار الحكومة تمهيدًا لإطلاق مسارها التشريعي في المؤسسة البرلمانية.
واستعرض الوزير بنسعيد مسار التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، معتبرًا إياه جزءًا لا يتجزأ من التجربة الديمقراطية المتراكمة عبر العقود، والتي أنتجت نماذج متنوعة تستحق التقييم والتطوير.
وأضاف قائلاً: “لسنا أمام تصور مثالي أو نموذج وحيد، بل نحن بصدد مقاربة قابلة للتطوير والتحسين، تأخذ بعين الاعتبار خصوصية السياق الوطني وتطلعات المهنيين”.
وفي إشارة قوية تعكس حرص الحكومة على احترام استقلالية الجسم الصحافي، أكد بنسعيد بوضوح أن “الحكومة لا تنوي مطلقًا فرض وصايتها على القطاع، بل تسعى جاهدة لتوفير الإطار القانوني والتنظيمي الذي يضمن حرية واستقلالية الممارسة الصحافية”.
وأوضح أن “مفهوم التنظيم الذاتي يقتضي بالضرورة أن يكون الصحافيون أنفسهم هم من يؤطرون مهنتهم، ويضعون قواعدها الأخلاقية والمهنية، دون أي تدخل مباشر من السلطات التنفيذية”.
كما تطرق الوزير إلى طبيعة العلاقة بين السياسي والصحافي في السياق المغربي، مشددًا على أنها علاقة طبيعية وعميقة الجذور في التاريخ المهني والسياسي للمملكة.
ولفت إلى أن وجود انتماءات سياسية متنوعة داخل النقابات المهنية لم يشكل يومًا عائقًا حقيقيًا أمام حرية التعبير، بل اعتبره جزءًا من الدينامية التي تميز المشهد الإعلامي الوطني.
وفي معرض رده على بعض الانتقادات المتعلقة بملاحقة بعض الصحافيين قضائيًا، أكد بنسعيد على الأهمية القصوى للتمييز الدقيق بين المواقف السياسية المشروعة والمساءلات الشخصية التي قد تنشأ عن أفعال أو أقوال تتجاوز حدود حرية التعبير المسؤولة.
وأوضح أن “قضايا المتابعة القضائية في بعض الأحيان لا تتعلق بانتقاد السياسات العمومية أو التعبير عن الرأي، بل تستند إلى وقائع شخصية محددة لا ينبغي تسييسها أو ربطها بشكل مباشر بحرية التعبير”.
وشدد قائلاً: “بصفتي وزيرًا للثقافة والتواصل، أؤكد دعمي الثابت والمبدئي لحرية التعبير، وأرفض بشكل قاطع ملاحقة الصحافيين بسبب آرائهم أو مواقفهم النقدية”.
وفي سياق التعامل مع الأخبار التي قد تتضمن مغالطات أو معلومات غير دقيقة، أشار بنسعيد إلى أن الوزارة تعتمد بشكل أساسي على آليات الرد والتوضيح عبر البيانات الرسمية، مؤكدًا على عدم اللجوء إلى القضاء في مثل هذه الحالات.
وأوضح: “نؤمن إيمانًا راسخًا بأن التصويب والحوار البناء هما السبيل الأمثل للتعامل مع مثل هذه الحالات، لأن الصحافة تعتبر شريكًا أساسيًا في تنشيط النقاش العمومي البناء وتطوير الأداء الديمقراطي للمؤسسات”.
واختتم الوزير بنسعيد كلمته بالتأكيد على أن ممارسة حرية التعبير يجب أن تتم في إطار من الاحترام المتبادل والمسؤولية، مشيرًا إلى أن الصحافة المغربية اليوم تتمتع بهامش واسع يمكنها من مناقشة جميع القضايا المطروحة في المجتمع، بما فيها القضايا السياسية والحزبية بكل شفافية ومهنية. ودعا في هذا الصدد إلى صون هذه الحرية وحمايتها باعتبارها من المقومات الأساسية لمجتمع منفتح ومتوازن.