الأمن الوطني في عامه الـ 69 … مسيرة تحديث مستمر والتزام راسخ بحماية الوطن والمواطن
مراكش: تحتفل أسرة الأمن الوطني غدًا الجمعة الموافق 16 ماي 2025، بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، محطة سنوية لاستحضار الجهود المضنية والتضحيات الجسام التي يبذلها رجال ونساء الأمن في سبيل حماية أمن الوطن والمواطنين وضمان سلامتهم.
هذه المناسبة ليست مجرد تخليد لذكرى التأسيس، بل هي وقفة تأمل وتقييم لمسيرة حافلة بالإنجازات والتطورات المتواصلة التي شهدتها المؤسسة الأمنية، وتأكيد على الالتزام الثابت بأداء الواجب الوطني بكل تفان وإخلاص.
منذ بزوغ فجر الاستقلال وتأسيس الأمن الوطني في 16 ماي 1956، وضع الجهاز الأمني نصب عينيه مواكبة التحديات الأمنية المتجددة، مستندًا في ذلك على مبادئ العمل الاستباقي، والحضور الميداني الفعال، ورفع درجة اليقظة القصوى. ولم تتوان المؤسسة في تطوير بنياتها التحتية، وعصرنة أساليب عملها، وتعزيز جاهزية وحداتها الميدانية، وتوفير أحدث التقنيات والوسائل اللوجستية، مع إيلاء العنصر البشري الأهمية القصوى من خلال الاستثمار الأمثل في تكوينه وتأهيله.
وتتجلى التحولات العميقة التي شهدها الأمن الوطني في السنوات الأخيرة في عدة جوانب أساسية. فقد تم تعزيز الموارد البشرية بشكل نوعي، مع إدماج العنصر النسوي بشكل فعال في مختلف المسؤوليات والمهام، حيث أثبتت المرأة المغربية كفاءة وقدرة عالية في خدمة الأمن. كما تم تحديث مناهج التكوين لتواكب أحدث التقنيات والعلوم الأمنية، مع التركيز على دور الشرطة التقنية والعلمية وتقريب الخبرات المتخصصة من الشرطة القضائية في مكافحة الجريمة المستجدة.
وفي إطار الانفتاح على المجتمع وتكريس مبادئ الحكامة الأمنية الرشيدة، تولي المديرية العامة للأمن الوطني اهتمامًا خاصًا بتنويع قنوات التواصل مع الهيئات المجتمعية والفاعلين المؤسساتيين، وتبني مقاربات تشاركية تترجم فلسفة العمل الأمني الجديدة القائمة على “الإنتاج المشترك للأمن”، حيث يمثل خدمة المواطن الغاية الأسمى للمرفق العام الشرطي.
وتجسيدًا لسياسة تقريب الخدمات من المواطنين، شهدت سنة 2024 تكثيف الجهود لتيسير حصول عموم المغاربة على الجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية. وقد تم في هذا الإطار تجنيد 80 وحدة متنقلة حديثة ومجهزة، وصلت إلى المناطق النائية الحضرية والقروية، وتمكنت من إنجاز الوثائق التعريفية لما يناهز 130 ألف مواطن ومواطنة.
كما واكب الأمن الوطني التحول الرقمي بإطلاق بوابة الخدمات الرقمية المدمجة « E-Police »، وهي منصة تفاعلية تتيح للمواطنين الاستفادة من مجموعة من الخدمات الإدارية الشرطية عن بعد، بكل سهولة وأمان، وباستخدام أحدث التقنيات الرقمية المعتمدة في مجال الإدارة الإلكترونية.
وعلى صعيد تعزيز البنيات الترابية لشرطة القرب، قامت المديرية العامة للأمن الوطني خلال سنة 2024 بإحداث 19 بنية أمنية جديدة لمواكبة التوسع العمراني في الأقطاب الحضرية الجديدة وضمان تغطية أمنية شاملة.
وتواصل المؤسسة تنفيذ الاستراتيجية الأمنية المرحلية (2022-2026)، التي ترتكز على تقوية بنيات مكافحة الجريمة، وتطوير مختبرات الشرطة العلمية والتقنية، وتعزيز الاستعلام الجنائي، وترسيخ البعد الحقوقي في العمل الشرطي، وتعميق التنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في القضايا المعقدة.
وفي مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية والإرهاب السيبراني، طور خبراء الأمن الوطني منصة “إبلاغ” الرقمية التفاعلية، التي أطلقت في يونيو 2024، بهدف إشراك المواطنين في الإبلاغ عن التهديدات والمخاطر على الإنترنت. كما تم تفعيل شراكات مؤسساتية لتطوير تقنيات البحث الجنائي بما يتلاءم مع حقوق الإنسان.
ولتعزيز قدرات فرق مكافحة العصابات، التي يبلغ عددها حاليًا 26 فرقة متخصصة، تم تزويدها بالأسلحة البديلة والصاعق الكهربائي، بالإضافة إلى سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية حديثة، كما تم دعم عمل هذه الفرق والوحدات النظامية بستين كلبًا مدربًا متخصصًا في الكشف عن المتفجرات والمخدرات والأسلحة وغيرها.
وفي إطار الاستعداد للتظاهرات الرياضية الكبرى التي ستستضيفها المملكة، تمت ترقية الخلايا الأمنية الرياضية في المدن المعنية إلى فرق ولائية للأمن الرياضي، وتدعيمها بالموارد البشرية والتجهيزات اللازمة، مع إحداث “مصلحة ولائية للأمن الرياضي” بالدار البيضاء.
وعلى صعيد التعاون الأمني الدولي، تم تتويج النموذج الأمني المغربي بانتخاب مرشح المديرية العامة للأمن الوطني نائبًا لرئيس منظمة “الإنتربول” عن قارة إفريقيا.
كما تولي مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني اهتمامًا خاصًا بتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني، حيث قدمت مساعدات مالية وعينية للمنخرطين المتضررين، ودعمًا للأرامل والمتقاعدين ذوي المعاشات المتواضعة.
إن الاحتفال بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس الأمن الوطني هو مناسبة لتجديد العهد والالتزام بخدمة الوطن والمواطنين، ومواصلة مسيرة التحديث والتطوير لمواجهة كافة التحديات الأمنية بكفاءة واقتدار، وهو ما جعل المؤسسة تحظى بتقدير واحترام المغاربة والشركاء الدوليين على حد سواء.