نبض غامض من أعماق الأرض يتكرر كل 26 ثانية ويحير العلماء منذ ستة عقود
في ظاهرة زلزالية غريبة حيّرت العلماء لأكثر من نصف قرن، رصد فريق بحثي من جامعة كولورادو بولدر في الولايات المتحدة إشارة زلزالية متكررة تصدر من أعماق خليج غينيا، قبالة الساحل الغربي لإفريقيا، تتكرر بدقة ملحوظة كل 26 ثانية، دون انقطاع.
ورغم أن هذه الظاهرة، المعروفة علميًا باسم “الميكروسيسم” أو “الهزّة الدقيقة”، قد تم توثيقها لأول مرة في ستينيات القرن الماضي من قِبل الجيوفيزيائي الأمريكي جاك أوليفر، فإن غياب التقنيات الحديثة حينها حال دون تفسيرها أو تحليلها بالشكل المطلوب.
ظاهرة منتظمة وغير مألوفة
وبفضل تطور أجهزة الاستشعار الرقمية وتقنيات تحليل البيانات، عاد هذا “النبض الأرضي” ليتصدر واجهة البحث العلمي من جديد، في محاولة لفهم طبيعته وكشف مصدره الحقيقي.
ووصف مايك ريتزولر، عالم الزلازل وعضو الفريق البحثي، الإشارة بأنها “ظاهرة استثنائية بكل المقاييس”، مشيرًا إلى أن انتظامها الدقيق يجعل من الصعب تجاهلها أو تصنيفها ضمن الأنماط الزلزالية الطبيعية المعروفة.
وأشار الباحثون إلى أن الإشارة تنبع من منطقة محددة في المحيط الأطلسي، ما يشير إلى وجود مصدر ثابت، لكن غير معروف، حتى الآن.
نظريتان رئيسيتان… ولا اتفاق علمي
رغم التقدم الملحوظ في الرصد والتحليل، ما يزال الجدل قائمًا حول مصدر هذه الإشارة. إحدى الفرضيات العلمية تُرجّح أن تكون ناتجة عن اصطدامات دورية بين أمواج المحيط ورصيف القارة الإفريقية، ما يُحدث اهتزازات منتظمة في قاع البحر.
في المقابل، يقترح باحثون آخرون، لا سيما من الصين، أن الإشارة قد تكون مرتبطة بنشاط بركاني خفي بالقرب من جزيرة ساو تومي في أرخبيل خليج بوني، حيث قد تساهم تحركات الصخور المنصهرة تحت سطح الأرض في توليد هذا النمط الزلزالي المتكرر.
لغز مستمر… وآمال علمية معلّقة
ورغم مرور أكثر من ستة عقود على اكتشاف هذه الظاهرة، ما تزال دون تفسير قاطع، لتبقى واحدة من أكثر الألغاز الجيولوجية إثارة للفضول في العالم. ويأمل العلماء أن تسهم الطفرات التقنية في علم الزلازل وتحليل البيانات في كشف هذا اللغز، الذي قد يحمل في طياته مفاتيح لفهم أعماق الأرض، ونشاطها الداخلي، وتركيبة قاع المحيطات.