قفزة نوعية في التعليم المدرسي بإصدار مشروع قانون جديد
كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في المغرب عن تفاصيل مشروع قانون جديد، يحمل الرقم 59.21، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم المدرسي بالمملكة.
ويأتي هذا المشروع ضمن مقاربة شاملة ومتكاملة، تروم مواكبة التحولات العميقة التي يشهدها العصر، وتعزيز مسار الإصلاح التربوي الذي انخرطت فيه المملكة منذ سنوات.
ومن أبرز مرتكزات هذا القانون الجديد، ضبط التعليم الأجنبي، وتسهيل حصول أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج على تعليم خصوصي عالي الجودة، فضلاً عن تأهيل التعليم الأولي والارتقاء بالحياة المدرسية.
في خطوة غير مسبوقة، يفتح مشروع القانون 59.21 الباب أمام القطاع الخاص لإنشاء مؤسسات تعليمية متخصصة لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وستتم هذه العملية في إطار اتفاقيات ثنائية تبرمها الحكومة المغربية مع بلدان الاستقبال، بهدف تعزيز الروابط الثقافية والهوياتية بين أفراد الجالية ووطنهم الأم، وضمان حصول أبنائهم على تعليم جيد، يعزز انتمائهم، حتى وهم خارج التراب الوطني.
في المقابل، يشدد المشروع على ضرورة إخضاع مؤسسات التعليم الخصوصي التي ترغب في تقديم تعليم أجنبي داخل المغرب لرقابة صارمة. وينص القانون على إلزامية حصول هذه المؤسسات على ترخيص رسمي، يخضع لدفتر تحمّلات دقيق، يضمن جودة المضامين التربوية واحترام الخصوصيات الوطنية.
ويهدف هذا الإجراء إلى تقنين التعليم الدولي بالمغرب، وتفادي أي تجاوزات قد تمس السيادة التربوية للمملكة.
ويُقر المشروع بدور القطاع الخاص كشريك استراتيجي ورافعة أساسية لتوسيع العرض المدرسي وضمان تعميم التعليم الإلزامي. غير أنه يشدد في الوقت ذاته على ضرورة التزام هذه المؤسسات بمعايير الجودة، والعدالة، وتكافؤ الفرص.
كما يؤكد القانون على أهمية وضع آليات صارمة لمراقبة أداء هذه المؤسسات، بما يضمن احترام حقوق المتعلمين في بيئة آمنة ومحفزة على التعلم.
ويتضمن مشروع القانون 59.21 عددًا من المبادئ التنظيمية الهادفة إلى تحديث المؤسسات التعليمية وتعزيز استقلاليتها. وتشمل هذه المبادئ احترام تنوع السياقات المحلية، والانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي. كما ينص على إلزامية توفر كل مؤسسة تعليمية على مشروع تربوي واضح ونظام داخلي محدد، بالإضافة إلى تأسيس جمعيات فعالة لأمهات وآباء التلاميذ، لتساهم في دعم الحياة المدرسية.
ويعتبر التعليم الأولي حجر الزاوية في هذا المشروع، حيث يتم التنصيص على تطوير نموذج تربوي حديث له، وتوسيع العرض عبر شراكات متعددة، مع الحرص على ضبط معايير الجودة والتكوين. ويهدف هذا التوجه إلى تسهيل إدماج الأطفال في سن مبكرة داخل المنظومة التربوية، باعتباره أساساً لبناء مسار تعليمي ناجح.
ولضمان السلامة الجسدية والنفسية للتلاميذ، يلزم المشروع جميع المؤسسات التعليمية، سواء العمومية أو الخصوصية، بضرورة تأمين المتعلمين ضد الحوادث داخل الفضاءات التعليمية أو أثناء الأنشطة المدرسية. كما يؤكد على أهمية إخبار أولياء الأمور بجميع تفاصيل التأمين ومضامينه، لضمان الشفافية وحماية حقوق الجميع.
يأتي مشروع القانون 59.21 ليعزز مسار الإصلاح التربوي في المغرب، من خلال إرساء إطار تشريعي واضح يضبط العلاقة بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم. ويهدف هذا الإصلاح إلى ترسيخ مبادئ الشفافية، وجودة التعليم، والاستدامة، في مختلف مستويات التعليم، من التعليم الأولي إلى التعليم الخصوصي والدولي، بما يضمن بناء منظومة تعليمية قوية ومتطورة تخدم تطلعات الأجيال القادمة.