قفة الملاعب” تثير الغضب بتاونات… استغلال الهشاشة في لعبة الولاءات السياسية
اهتزت مدينة تاونات خلال الساعات الماضية على وقع فضيحة مدوية كشفت عن استغلال فجّ لفقر الشباب وهشاشتهم الاجتماعية، عبر تنظيم عملية مشبوهة لنقل عشرات منهم من جماعة تيسة إلى ملعب فاس الكبير، بهدف تشجيع فريق نهضة بركان في نهائي كأس العرش أمام أولمبيك آسفي، في مشهد لم يحمل من الرياضة سوى القميص، فيما امتلأت تفاصيله بالتسخير السياسي والتزلف.
مصادر متطابقة أفادت أن عامل إقليم تاونات، صالح داحا، دخل في نوبة غضب شديد بعد علمه بخلفيات هذه العملية، خاصة بعدما حاول أحد المنتخبين المحليين بتيسة نسبها إلى السلطة الإقليمية، وكأنها جزء من مخطط رسمي، وهو ما اعتبره العامل انزلاقًا خطيرًا وتوريطًا مرفوضًا للمؤسسات الترابية في ممارسات لا تليق بدولة المؤسسات.
العملية، التي جرى تنفيذها تحت غطاء بعض المجالس المنتخبة وجمعيات موالية لجهات حزبية، شملت توزيع قبعات وقمصان وتذاكر أُرفقت بوجبات سريعة، مقابل تعبئة شباب في وضعيات اجتماعية هشّة وإجبارهم على ارتداء ألوان فريق لا يمثلهم، وترديد شعارات محددة في مدرجات الملعب، في محاولة مفضوحة لكسب ودّ جهات رياضية نافذة، على رأسها رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، فوزي لقجع.
شهادات صادمة من بعض الشبان المشاركين في الرحلة أثارت مزيدًا من الجدل، إذ قال بعضهم بوضوح: “كنا نشجع أولمبيك آسفي، لكنهم ألبسونا قميص بركان وأمرونا بالهتاف!”، ما يبرز حجم التلاعب بالوعي الجمعي، واستغلال البسطاء كأدوات في معارك لا علاقة لها بالرياضة أو الانتماء.
أكثر ما أثار الاستنكار، أن هذه التعبئة تمت عبر وسائل وإمكانيات عمومية، من سيارات الجماعات ومقراتها ومواردها، ما فتح الباب أمام أسئلة كبرى من قبيل: من موّل العملية؟ من وقّع على رخص النقل؟ وهل كانت السلطة على علم بتفاصيلها؟ وما مدى تورط بعض الجمعيات الحزبية في تنظيم هذا السيناريو؟
الغضب لم يبق محصورًا داخل أروقة الإدارة، بل انتقل إلى الشارع والفضاء الرقمي، حيث عبّرت فعاليات مدنية وحقوقية عن رفضها المطلق لما جرى، مطالبة بفتح تحقيق مركزي عاجل يحدد المسؤوليات، ويكشف عن الجهات التي تقف خلف ما وصفوه بـ”الاتجار السياسي بالبشر”.
عامل الإقليم، صالح داحا، وجد نفسه بين فكي كماشة: من جهة الإحراج الرسمي الناجم عن محاولة توريطه في المشهد، ومن جهة أخرى تصاعد الغضب الشعبي الذي يحمّل العمالة مسؤولية التساهل مع مثل هذه الانزلاقات. وهو ما يفرض عليه، بصفته ممثل الدولة والمشرف على تنزيل القانون، اتخاذ موقف حازم يفصل بين العمل الترابي الجاد والتوظيف السياسي الرديء للمواطنة والهشاشة.
هذه الواقعة أعادت النقاش إلى عمق أزمة العلاقة بين السلطة والمنتخب، وبين العمل السياسي والمسؤولية الاجتماعية، في ظل اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية. فهل يتدارك عامل الإقليم الموقف ويتخذ خطوات عملية للقطع مع هذا العبث؟ أم أننا أمام فصل جديد من فصول الاستغلال السياسي المغلّف بشعارات الرياضة والانتماء؟