ساحة جامع الفنا: تحديات المرافق العامة وفرص التجديد بمراكش
تُعد ساحة جامع الفنا، قلب مراكش النابض وكنزها الثقافي، وجهة لا غنى عنها للسياح من كل بقاع العالم. وسبق أن حازت على اعتراف اليونسكو كـتراث شفوي لا مادي للإنسانية بفضل طابعها الفريد الذي يجمع بين الحكواتيين، عارضي الأفاعي، الموسيقيين، والباعة المتجولين.
ورغم أهميتها التاريخية والسياحية والاقتصادية، إلا أنها تواجه تحديات كبيرًة تتمثل في النقص الحاد في المرافق العامة. هذا النقص يؤثر سلبًا على تجربة الزوار والمقيمين، ويُشكل عائقًا أمام استدامة الساحة كوجهة عالمية.
و يتجلى هذا النقص بشكل واضح حسب متتبعين، في غياب دورات المياه النظيفة والمتاحة، مما يضطر الزوار للبحث في المقاهي المجاورة أو استخدام مرافق غير صحية. كما تفتقر الساحة إلى أماكن كافية للجلوس والراحة، خاصة لكبار السن، بالإضافة إلى انعدام نقاط المياه الصالحة للشرب ا في مناخ مراكش الحار.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فغياب مراكز المعلومات السياحية الواضحة وخدمات الإسعافات الأولية الأساسية يزيد من معاناة الزوار.
هذه التحديات لا تقتصر على الإزعاج فحسب، بل تؤثر على الصورة العامة لمراكش، وتقلل من رضا الزوار، وتُهدد الصحة العامة والنظافة، مما قد يضر بالاقتصاد المحلي على المدى الطويل.
و مع انطلاق أشغال إعادة الهيكلة في ساحة جامع الفنا، يقع على عاتق المجلس الجماعي لمراكش دور محوري وحاسم في معالجة هذه التحديات لكونه الجهة المسؤولة عن التخطيط الحضري وتوفير البنية التحتية الأساسية. وهو ما يمكنه من الاسهام بفاعلية في تجاوز هذه المشاكل من خلال وضع خطة شاملة ومستدامة تشمل دراسات جدوى دقيقة لتحديد المواقع الأنسب للمرافق الجديدة، مع مراعاة الطابع التاريخي والثقافي للساحة. كما يجب تخصيص الميزانيات اللازمة لإنشاء وصيانة المرافق الحديثة، مثل دورات المياه العصرية ونقاط مياه الشرب.
ويرى متتبعون للشأن المحلي، ان فتح ابواب شراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني ستكون حيوية للاستفادة من الخبرات والموارد، وتطوير نماذج مستدامة لإدارة المرافق، مثل دورات المياه المدفوعة لضمان الصيانة والنظافة المستمرة. كما أن التعاون مع وزارة السياحة لتعزيز مراكز المعلومات وتزويدها بالموارد البشرية والتقنية، إضافة إلى التوعية بأهمية الحفاظ على المرافق، سيُعزز من فعالية هذه الجهود.
إن الاستثمار في تحسين المرافق العامة في ساحة جامع الفنا ليس مجرد تحسين لراحة الزوار، بل هو استثمار في مستقبل هذه الجوهرة التاريخية وضمان استمرارها كمركز حيوي للثقافة والتراث الإنساني وأن جمال الساحة وسحرها يستحقان أن تُعززا ببنية تحتية قادرة على تلبية احتياجات ملايين الزوار سنويًا.
ومع انطلاق أشغال إعادة هيكلة الساحة تبقى الفرصة سانحة أمام المجلس الجماعي لمراكش و جميع الجهات المعنية لتجسيد رؤية شاملة تُسهم في رفع مستوى الخدمات، مما يُعزز مكانة مراكش كوجهة سياحية رائدة عالميًا.