فاس على صفيح سياسي ساخن.. انهيار التحالفات يعمّق عجز العمدة ويشلّ تدبير المدينة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

تعيش مدينة فاس على إيقاع أزمة سياسية خانقة غير مسبوقة، بعد أن فشل عمدة الجماعة، في تأمين النصاب القانوني لعقد الدورة الاستثنائية الخامسة، المخصصة للتداول في مشروع ميزانية سنة 2026، صباح اليوم الثلاثاء.
فالجلسة التي كان يُفترض أن تُشكّل فرصة لإخراج الجماعة من حالة “البلوكاج” المؤسساتي، انتهت سريعاً بعد أن تبيّن حضور 38 مستشاراً جماعياً فقط من أصل العدد المطلوب قانوناً (46 عضوا)، ما اضطر العمدة إلى رفع الجلسة وتأجيلها إلى يوم غد الأربعاء، في حلقة جديدة من مسلسل التعثر والارتباك الذي بات عنواناً لتدبير الشأن المحلي بالعاصمة العلمية.

هذا الغياب الجماعي كشف بوضوح تفكك التحالف السياسي الذي كان يمنح البقالي أغلبيته المريحة داخل المجلس، والمكوّن أساساً من 78 عضواً عند بداية الولاية. غير أن القرارات الانفرادية، وغياب التشاور، والارتجال في التسيير، سرّعت وتيرة التصدع داخل الأغلبية، لتتحوّل إلى معارضة صامتة ترفض حضور الدورات، وتشلّ عمل المؤسسة المنتخبة.

وحسب مصادر مطلعة، فإن العمدة حاول خلال الأيام الماضية ترميم تحالفه المنهار عبر لقاءات مغلقة عقدها في أحد فنادق المدينة، بمشاركة بعض نوابه ومستشاريه السابقين، على أمل استعادة دعم المنسحبين. غير أن تلك المساعي باءت بالفشل، بعدما رفض عدد من الأعضاء العودة إلى صفه، معتبرين أن العمدة استنفد كل رصيده السياسي، وفقد ثقة حلفائه بسبب “منطق التحكم والانفراد”.

سياسياً، يجد البقالي نفسه اليوم معزولاً داخل المجلس، وسط غليان شعبي متزايد في صفوف سكان فاس الذين ضاقوا ذرعاً بتدهور الخدمات الأساسية. فالمدينة التي تُخصص لها الجماعة سنوياً أكثر من 22 مليار سنتيم لصفقات النظافة، تعيش أزمة بيئية خانقة مع انتشار الأزبال وتراجع جودة التدبير. أما الحدائق والمساحات الخضراء فبدت وكأنها تُعلن “ذبولها الرسمي”، فيما قطاع النقل الحضري أصبح تحت وصاية مباشرة من وزارة الداخلية، التي تدخلت لوضع خطة وطنية جديدة لتجديد الحافلات بعد فشل المجلس في إيجاد حلول ذاتية.

لكن الأزمة لا تقف عند حدود سوء التدبير، إذ يواجه العمدة ملفات حساسة تثير جدلاً واسعاً داخل الرأي العام المحلي، أبرزها الإعفاءات غير القانونية للضرائب على الأراضي العارية، واختلالات في العروض المالية وتضارب الأرقام حول المستفيدين والمبالغ المرصودة. وهي ملفات تُنذر بفتح تحقيق مركزي عاجل قد يُعيد ترتيب المشهد داخل الجماعة.

في ظل هذا الوضع، تغرق فاس في دوامة من العجز والشلل الإداري، بينما تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل السلطات الوصية لوضع حد لما تصفه فعاليات مدنية بـ**”الفوضى التدبيرية”** التي تهدد مصالح المواطنين ومستقبل المدينة.

إنها فاس التي كانت يوماً قبلة للعلم والحضارة، تجد نفسها اليوم عالقة بين عمدة فقد أغلبيته، ومجلس غارق في الانقسامات، وشارع لم يعد يطيق المزيد من الوعود المؤجلة. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال معلقاً: من يُنقذ العاصمة العلمية من أزمتها السياسية قبل أن تنفجر الأوضاع؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.