حاورها : عبدالكريم القيشوري
يسعد موقع الملاحظ جورنال أن يقدم لمرتاديه الأفاضل ضمن سلسلة “حوارات” التي يجريها مع ثلة من نساء المغرب بالداخل والخارج؛ من كاتبات روائيات و شاعرات رئيسات لجمعيات ثقافية؛ فاعلات جمعويات وإعلاميات.. وجها من الوجوه النسائية الفاعلة في المشهد السياسي/ الثقافي المغربي . الكاتبة الروائية و المسرحية الصحفية بديعة الراضي. لنتابع :
قالت في مسار أجوبتها أن القلم المسرحي لم يستطع أن يصمد كجنس أدبي له أهدافه في امتلاك لغته سواء تلك التي ترصد المعيش أو بالأحرى التفكير في المعيش بلغة المسرح أو تلك التي ترصد الذاكرة الثقافية من وجهة نظر الكاتب للمحيط القريب أو البعيد، فضاع النص المسرحي باستسهال المشتغل على النص لقيمة النص المسرحي، مما أسقط الباحثين عن الركح في تقنية “الكولاج” . وأضافت الراضي ككاتبة مسرحية تبحث عن بدائل في النصوص التي تكتبها، لتحفظ للنص المسرحي المغربي بعده الإبداعي وخصوصيته .
-بداية كيف تقدم الكاتبة بديعة الراضي نفسها لجمهور القراء ؟
كثيرا ما أجد نفسي عاجزة في الإجابة عن هذا السؤال، لأني بكل بساطة لا تقن الحديث عن بديعة الراضي الذات، ومع ذلك أرد على مستهل اللقاء بالقول أني مواطنة مغربية آتية من هامش يسكنني فأحكيه سردا ومسرحا وكتابة صحفية لمتلقي افتراضي في ذهني ينصت
لي باستمرار يحاورني ويدعوني للكتابة من جديد.
-تعددت اهتماماتك وتنوعت انشغالاتك؛ ما بين سياسة وإعلام وإبداع.. أين يمكن القبض على بديعة في خضم هذه الانشغالات ؟
كتاباتي هي هذا الكل، الذي يتوج خصوصيتي في فهم الأجناس التعبيرية، وهي حرف، أحفر به في الذاكرة وأوقفه عند مشاهد القرب، لأنسج زمانا ومكانا مغايرين أو زمنا ينبغي أن يكون، هي كتابة أرحل بها للحلم الذي يسائل في إحباطات ليس بالضرورة أن تكون ذاتية لأنني مشغولة بذوات أخرى تقاسمني وأقاسمها الألم والأمل لكنني أجد في الختام أننا
في سفينة واحدة ،نتوجه إلى مستقبل نبدد فيه الضباب.
-الكتابة بوصفها فعلا حياتيا محضا ؛ هل من تعايش بينكما ؟
كما سبق وأن أشرت أن معالم الكتابة قاطنة في تفكيري أحكيها واقعا وخيالا، وبين الواقع والخيال تكمن مسافة الكائن والذي ينبغي أن يكون،،،هي أنا في جميع الأحوال في الكتابة الصحفية والمسرحية والروائية، أعي فيها تقنيات الكتابة وجنسها التعبيري، لكن بكل صدق لا أستطيع أن أنكر أني في كتاباتي الصحفية كمهنية، أجد شيطان المسرح والرواية يضايقني ويسبب لي إزعاجا عندما أضطر لطرده احتراما لهذه المهنية التي ذكرت
-من حيث أجناسية الكتابة وتقنياتها المتشعبة ، أين تجد – بديعة الراضي – نفسها ؟
أجد نفسي في الرواية ، هي عالم يشبع فضولي في توظيف كافة التقنيات ، في ولوج كافة الأمكنة ،في الغوص في عمق الشخصيات ، يوجهني في التقنية غاستون بشلار في مفهوم الزمكانية وفي الخرائط السداسية غريماس وطلبته ، ويحضر في مرافقتي لكل تلك الآليات التي درستها وأنا طالبة أساتذة أجلاء سواء في كلية الجديدة أو بالسلك الثالث بجامعة محمد الخامس من بينهم عبد المجيد النوسي وعبد الله المصباحي و محمد برادة ومحمد اليابوري وسعيد يقطين ، كما تحضرني تجربتي في الحياة وتجربة المحيط الذي أعتقد أني أشكل عنصرا في قربه.
-كتبت في فنون السرد : القصة والرواية والمسرح. هل لهذه الفنون لغة استيعاب متغير حداثي لا نجده في الشعر مثلا ؟
بدون غرور أجيبك نعم لقد امتلكت لغتي الخاصة، نقطة اللقاء الهامة بيني وبين متلقي ضمني أو واقعي.. ولهذا فأنا أواصل مهنتي ككاتبة معتزة بهذا التواصل الهام في مساري ككاتبة مغربية.
-برأيك. هل استطاع النص المسرحي أن يرصد تفاصيل المشهد المعيش على الركح
بعين نقدية ورؤى توعوية ؟
اعتبر هذا السؤال جوهريا وهاما، لأجيبك أن المسرح بصفة عامة تعرض لانتكاسة حقيقية من كافة الواجهات الأدبية واللوجستيكية. ومن الناحية الأدبية لم يستطع القلم المسرحي أن يصمد كجنس أدبي له أهدافه في امتلاك لغته سواء تلك التي ترصد المعيش أو بالأحرى التفكير في المعيش بلغة المسرح أو تلك التي ترصد الذاكرة الثقافية بوجهة الكاتب للمحيط القريب أو البعيد، فضاع النص المسرحي باستسهال المشتغل على النص مما أسقط الباحثين عن الركح في نصوص بتوظيف تقنية “الكولاج” ، ومن هذه الزاوية أنا ككاتبة أبحث عن بدائل في النصوص التي أكتبها، تحفظ للنص المسرحي المغربي بعده الإبداعي وخصوصيته ، أجتهد وأبحث وأكتب وأواصل بنفس الطموح دون السقوط في لعبة توظيف “الغموض” بل مقاطع من مختلف الأجناس دون تنسيق مبني على رؤية واضحة، علما أنني من المؤمنين بأن المسرح أبو الفنون، لكن إلقاءها في النص ينبغي أن يخضع لشروط البناء. أما غياب اللوجستيك فقد ضيع على المبدعين التفكير الجدي في عمل إبداعي في مستوى
التطلعات وهذه مسؤولية القائمين على تدبير الشأن الثقافي.
-جدلية المثقف السياسي خلقت نوعا من الصدام والتصالح؛ أفرزت على إثره مجموعة من التناقضات الحياتية؛ عمل كل منهما على معالجته من وجهة نظره. كيف ترين الأمر من جهتك ؟
هذا نقاش ساد كل محطات العقود السابقة وشغل الكثير من النقاد ومنهم من تطرف في العلاقة بين السياسي والثقافي، ولهذا سأجيبك بإختصار شديد أن المثقف الذي يريد أن يخلق مسافة بينه وبين السياسي على اعتبار أنه مثقف فإنه يضع نفسه بمعزل عن معطى هام يهم تدبير واقع إنسان ، والسؤال يطرح على المثقف نفسه هل إنشغالاته الثقافية هي بمعزل عن هذا الإنسان… والأمر ينطبق كذلك على السياسي، ولهذا فالعلاقة بين الثقافة والسياسة هي علاقة تكامل ، كالعلاقة بين الفكر والواقع، والمثقف الذي يجهل تفاصيل التدبير السياسي وطنيا ودوليا أعتبره مثقفا خارج السياق ، والسياسي الذي لا يقرأ الرواية والشعر ويشاهد المسرح ويبحث في الفكر السياسي وفي التاريخ والجغرافية أعتبره سياسيا مع وقف التنفيذ. لهذا فالسياسة ضرورة للثقافة والعكس صحيح.
-روايتك : “غرباء المحيط” و ” الزنقة 7″ هل من علاقة ؟
بين روايتي “غرباء المحيط” و”الزنقة 7″ التي مازلت أعيد كتاباتها ، هناك علاقة
البحث في عمق الأشياء لكن مع اختلاف في القضايا والفضاءات والشخوص
–عناوين مسرحياتك :” قادم “” الجلاد”” – شبيهي ” – “رجل في الصحراء”- ” امرأة” –” السيد ميم ” – ” حدوثة مغربية””أحفاد “عمر”- “آمنة” -“تمزق” وأخيرا ” الحكرة” لها إحالات على المعيش الحياتي للمواطن’ة’ المغربي”ة” عبر سيرورة زمن.هل هي لإثارة اهتمام.. أم للتأريخ أم ماذا ؟
كل مسرحياتي مرتبطة بهموم الإنسان وطنيا ودوليا، وأعتبر نفسي كاتبة لمسرح القضية..