مراكش على إيقاع المجد: الحمراء تحتفي بالفوز الأسطوري للمنتخب المغربي بكأس العرب
عاشت مدينة مراكش، عاصمة النخيل وذاكرة الحضارة، ليلة استثنائية ستظل محفورة في وجدان ساكنتها، بعدما دوّى نبأ التتويج التاريخي للمنتخب المغربي بكأس العرب، فخرجت الحمراء عن بكرة أبيها تحتفي بإنجاز كروي تجاوز حدود الرياضة ليغدو لحظة وطنية جامعة، عنوانها الفخر والاعتزاز والانتماء.
من ساحة جامع الفنا إلى أزقة المدينة العتيقة، ومن أحياء جليز إلى المحاميد وسيدي يوسف بن علي، والمسيرات الثلاثة تحولت مراكش إلى لوحة احتفالية نابضة بالحياة. الأعلام الوطنية ارتفعت عالياً، والأهازيج الشعبية امتزجت بالأغاني الوطنية، فيما علت الزغاريد والهتافات التي تشيد بأسود الأطلس، في مشهد عفوي يعكس عمق العلاقة بين المغاربة ومنتخبهم الوطني.
هذا التتويج لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل متواصل ورؤية تقنية متبصّرة، جسّدها الطاقم التقني بقيادة الإطار الوطني طارق السكتيوي، الذي نجح في بناء منتخب متوازن يجمع بين الانضباط التكتيكي، والروح القتالية، والأخلاق الرياضية الرفيعة. منتخب أعاد الاعتبار لقيم القميص الوطني، وقدم كرة قدم حديثة تُحترم فيها المنافسة ويُصان فيها اللعب النظيف.
في مراكش، لم يكن الاحتفال مجرد فرح عابر، بل تعبيراً صادقاً عن وعي جماعي بأن ما تحقق هو انتصار للمنظومة الرياضية الوطنية، ورسالة واضحة بأن المغرب بات رقماً صعباً في المعادلة الكروية العربية والقارية. انتصار وحّد الأجيال، حيث احتفل الشيوخ بنفس الحماس الذي طبع فرحة الأطفال والشباب، في مشهد يختزل معنى الوطن حين يبتسم.
ومع إسدال الستار على ليلة من الفرح الخالص، تُدرك مراكش، كما باقي مدن المملكة، أن هذا التتويج ليس نهاية المطاف، بل محطة مشرّفة في مسار طموح، قوامه الاستثمار في الإنسان، والثقة في الكفاءات الوطنية، والإيمان بأن الراية المغربية قادرة دائماً على الرفرفة في سماء التتويجات.
هكذا احتفلت الحمراء، لا فقط بكأس، بل بصورة المغرب المنتصر، الواثق من نفسه، الساعي دوماً إلى كتابة تاريخه بأقدام أبنائه… وبقلب شعب لا يخون الحلم.