يطرح بالسوق الثقافية الوطنية خلال مستقبل الأيام القليلة المقبلة، مؤلف “عبد السلام الجبلي- يوميات العمل الوطني والمسلح في المغرب”، للكاتب، الأستاذ المحامي عبد الله العلوي، الذي حاول من خلال نفس المؤلف التوثيق المعرفي للكفاح الوطني في المرحلة الإستعمارية ضمن بعديه السياسي والمسلح، والمكاشفة للأحداث التي خلخلت النظرة الوحدوية للفعل السياسي التي انتقلت خلال الفترة الإستعمارية من “كتلة العمل الوطني” قبل 11 يناير 1944، إلى “حزب الإستقلال”، والتوجهات التي انكشفت على التحول عن حزب الإستقلال، ونشأة الحزب التقدمي “الإتحاد الوطني للقوات الشعبية” في العام 1959، الأخير الذي تأثر بانفصال جناحه اليساري الذي أسس “حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية” في العام 1974، بحسب ما تفيد به المرجعية التاريخية للمؤلف.
واعتمد الكاتب عبد الله العلوي في توزيع التجميع للمادة التاريخية للكتاب المؤلف من 294 صفحة، على تأليفها إلى قسمين، قسم خصصه إلى تدخل المرجعية التاريخية الحية في العمل الوطني والمسلح في المغرب على الفترة الإستعمارية، (مولاي عبد السلام الجبلي)، وقسم للأعمال الإعلامية والمداخلات التي تناولت نفس الذاكرة التاريخية الحية، وفي ما ركز أسلوبيا في جزء المؤلف الأول على السرد المطلق كما هو منطوق بالتداخل في وضع التركيب للوقائع، من حيث التأطير السياسي خلال المرحلة بمراكش بالعلاقة مع العمل الوطني (مولاي عبد الله إبراهيم)، والتحضيرات للمقاومة المسلحة والخلايا التي قامت بهذا الفعل الوطني في إطار كتلة العمل الوطني أو حزب الإستقلال، والشخوص التي نهضت بتنفيذ نفس المقاومة السياسية والمسلحة والمرتبطان مكانيا بمدينة مراكش، وزمانيا بالعمل الوطني، حيث استدعت الذاكرة التاريخية الحية الساردة للمرحلة، (مولاي عبد السلام الجبلي)، الشخوص التي انخرطت في الكفاح واتخذته سمتا، وتشكلت بها وعليها قاعدة العمل الوطني والمسلح في مراكش في علاقته بالحركة الوطنية، -ولرب، في ذلك، توثيق معتمد في مدخل التحديد والتعيين لأعضاء المقاومة بالمدينة مراكش-، في ما كان أبرز ما اهتم به القسم الثاني من الكتاب، والذي يمكن اعتباره ملحقا به، بالمداخلات التي رامت قراءة واستقراء السير النضالي للسارد (مولاي عبد السلام الجبلي)، الذي استعاد اللحظة طبقا للأسلوب الذي حدده الكاتب عبد الله العلوي، واختاره تأكيدا أسلوبا إعلاميا قائم على جنس الحوار كما تبرزه العناوين التي حددت مجال استنطاق المعلومة التاريخية في ذاكرة المقاوم (مولاي عبد السلام الجبلي)، وتغيت بالإضافة إلى ذلك، دعم وإجلاء جمل من المعلومات التي تم إدراجها في كتاب سابق لنفس الذاكرة الحية (عبد السلام الجبلي) “أوراق من ساحة المقاومة”.
نفس هذا الأسلوب، هيأ الكتاب إلى أن بكون أدخل في نطاق “السيرة الذاتية”، حيث أن الحكي هو ما يشغل المساحة الزمنية المطروحة للتدخل، الحكي عن النواة الأولى التي شكلت عنصر استقطاب للمقاوم (عبد السلام الجبلي)، المولود في العام 1929 بدرب “أحمد السوسي، حي سيدي بنسليمان، بيت الوالد بحومة “قاعة بناهض” المعلوم باسم (الجبلي) الذي ارتبط يقول الكاتب عبد الله العلوي باسم (مولاي عبد السلام الجبلي) الذي لقبه العائلي (الإدريسي)، البيت الذي احتضن في سياق تشكل الوعي الوطني، اجتماعا تأسيسيا في 18 شتنبر من العام 1937، أسبوعا عن أحداث 24 نفس الشهر من نفس العام، وكانت بتعبير الكاتب عبد الله العلوي عن رواية المقاوم مولاي عبد السلام الجبلي في الصفحة 22، (أول الأحداث النضالية التي شكلت منعرجا تاريخيا لمقاومة الإستعمار، وبداية تأسيسية لمسلسل النضال الوطني الذي توج بعريضة الإستقلال في 11 يناير 1944، والإستقلال في 2 مارس 1956، وقد وضع خطة 1937 بمراكش، المرحوم عبد الله إبراهيم الذي قام رفقة امحمد الملاخ وعبد القادر حسن بتنظيم الحرفيين منذ بداية الثلاثينات)، ويذكر عبد الله العلوي عن نفس الذاكرة التاريخية الحية (مولاي عبد السلام الجبلي)، المساهمات من النساء المقاومات في تاريخ الحركة الوطنية المسلحة، بأحد الإمكان اللوجيستي،نقل السلاح، أو الميداني القيام بعمليات، على نحو (ما قامت زوجة المقاوم عبد السلام عطوف وخديجة المذكوري وفاطمة الحياني وعائشة المسافر) يورد الكاتب في الصفحة 15، وعلى مستوى المدينة مراكش يذكر في الصفحة 16 من الكتاب (رقية البقال وزينب عليوان والشرادية، بالإضافة إلى فاطمة الزهراء التي أغتيلت أثناء مظاهرة 15 غشت 1953، ضد التهيييء الإستعماري لنفي السلطان محمد الخامس).
ويخلص الكاتب عبد الله العلوي في توطئة كتاب “يوميات العمل الوطني والمسلح في المغرب”، بأن (أهم ما يميز الجبلي، هو كونه يقرأ الماضي بهموم الحاضر، فلا ينفك يقارن بين المرحلتين: الإستعمار والإستقلال، سواء في الأحداث أو الأشخاص وتغير المواقف والأفكار، ويعطي خلاصات لها، ومما يمنح شخصيته هذا الوصف، كونه مخضرما عاش المرحلتين، بل هو أحد الفاعلين فيهما)، الصفحة 7.