يدرج تطور الموقف من حضور المجموعة من ذوي الإحتياجات الخاصة، العاملة في قطاع النقل من خلال توظيف الدراجات النارية المقطورة أو تلك المعدة تصميما لنفس الإستعمال، ضمن زاوية الضغوط الموجهة نحو إسقاط التعطيب لديمومة المؤازرة الإجتماعية لنفس الفئة على عمالتها التي تروم سد الحاجة من الإنفاق، وتلبية الطلبات العيشية، كما يمكن رؤية ذلك، وجها معبرا عن بدايات اندثار لقيم التكافل، وقطعا للسبيل في الإندماج ضمن حركية التنمية المستدامة التي دأبها تحقيق مكاسب مادية للفئات المعوزة، في إطار التآزر والمساعدة الإجتماعية التي تقوم أحد موجهات النهوض بالمورد البشري دون احتساب تصنيفه المورفولوجي في صناعة الثروة واستغلال المنافع التي يقدمها قطاع الخدمات ويدخل في إطاره قطاع النقل الذي ييسر لهذه الفئة الإجتماعية مصادر دخل قار، يحفظ الكرامة، ويقلص من الظواهر السلبية، والإنقياد نحو السلوك المنحرف والإجرامي الذي لا يستثني تعاطيه أو يميز فيه بين القادر والعاجز، إذ منها ما يحتاج فقط لأسباب إظهاره.
وتعول هذه الفئة الإجتماعية على شبكة المهن والحرف ذات الصفة الخدماتية وارتكاز نشاطها عليها، يمثل طوق نجاة من الهشاشة، وفي أمام ترك الإتكالية وإنتاج الكفاف الذي يضع قبل أشهر هذه الفئة في سياق وضعية ملاحقة محمومة وترصد وضجة إعلامية يراد منها تفكيك وحدات منظومة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي يراهن عليها في مغالبة القهر الإجتماعي وتحدث شروخا في تنفيذ برامج المنظومة الإجتماعية المجابهة للرخاوة التي رصدت نفس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمكافحة تقليص الفوارق الإجتماعية التي يسعى التدخل بمبادرة من بعض أصحاب السيارات المأجورة، الرابضة بساحة جامع الفناء إلى تكريس وتعميق مؤشرات الإختلاف الطبقي في صورته المستنكفة لتداعيات مجمل الفوارق والتخالف والتغاير، وبما يتضمنه ذلك من تحييد لمبدإ تدبير التفاوت في تحصيل الدخل.
موقف التوتر الذي تدور رحاه بين العاملين في قطاع النقل السياحي بساحة جامع الفناء، وابتدر في شحناءه، كما يشدد على ذلك المشتغلون من ذوي الإحتيات، بعض من سائقي سيارات الأجرة بالساحة في مواجهة تحرك سائقي الدراجات النارية المقطورة التي يسخرها ذوو الإحتياجات الخاصة في النقل وتستقطب استعمالها من قبل الأجانب، إذا ما أخضع لتعميق النظر، يسجل ملاحظة انتفاء أحقية التدخل لأجل إبعاد (الدراجات المقطورة) والعاملين عليها من ذوي الإحتياجات الخاصة عن مواقع حضورها بالساحة ومحيطها القريب، وتعطيل اشتغالها بالقطاع، وأحيانا مطالبة جهاز الشرطة السياحية أو شرطة المرور بإجراء مسطرة التوقيف واحتجاز المقطور، ما لا يمكن أن يتم تفعيله إلا في الحالات التي تسجل تضليلا أو اختراقا لقانون السير والجولان، مادام أن المطالب يصنف في إطار النقل الحضري العمومي الذي لا يتمتع بصفة “الإختصاص” التي ترتبه في مركبات النقل السياحي، وبما أن الإلتجاء إلى “الطاكسي” في التنقل من لدن الأجانب لا يحمل على تفسيره بالإستئثار بالنقل السياحي، مادامت وسيلته، رخصته نقل حضري عمومي متاح للطالب محليا كان أو أجنبيا، في المقابل الذي يخصص فيه الطلب من قبل السائح نفس الصفة على الدراجات النارية المقطورة (طوك طوك)، لأسباب حضارية وثقافية ترى استعمالها أدخل في أسطول النقل السياحي بالبلدان النامية، وإن يظل ظهورها في مشهد النقل عموما متأخرا بالمدن الوطنية، لا سيما منها السياحية، وخصوصا منها، المدينة مراكش.
في أفق ذلك، يرتكن ويجزم ذوو الدراجات النارية المقطورة، في اطمئنانهم واتكالهم في هذا النشاط، كما يفيد مشتغل على هذا النوع من وسائل النقل، على أمرين، أحدهما العطف المولوي السامي على هذه الفئة الإجتماعية التي تنتمي إلى أكثر الفئات هشاشة وفقرا والتي تحظى بمساندة مولوية في تحسين ظروف عيشها من خلال البرامج والمبادرات التي يطلقها جلالته لمنفعة هذه الفئة، وثاني هذين الأمرين، التعاطف الذي تجده من لدن بعض القائمين والعاملين بدور الضيافة الذين يعضدون سعي هذه الفئة في الكسب وبرمجتهم في حالات الإستثناء أو تلبية لطلب نزيل باستعمال “طوك طوك” للتطواف بالمدينة القديمة التي تحتاج شبكة أزقتها الضيقة، وسيلة تنقل أكثر استجابة لاختراق المدار السياحي للمدينة دون كثير عناء، والوصول إلى مواقع الإرتياد السياحي والعمراني التاريخي والثقافي، والإطلاع على فن العيش المحلي بأروقته الشعبية، بسوقه المحتفظ بمادته اليومية وأصوله التجارية، حيث وسط تجمعه واكتظاظه يجد “طوك طوك” ممرات عبور سالكة غير باعثة للسائح انطباع أنه خارج الدائرة الحضارية التي جاء لاكتشافها واستغوار ما يعتزل في ذاكرة المدينة العتيقة من رموز ورسوم تراثية جاذبة لتشغيل مثل وسيلة هذه النقل (طوك طوك)، المتماهي مع خصوصيات الأزقة الضيقة.
أمام هذه الخصوصيات التي يمكن منها (طوك طوك) الجولة السياحية، وتستشعرها المنافسة بسوق النقل السياحي بالمدينة، والتي لم يقترب منها النقاش الإعلامي أثناء إثارته للموضوع مؤخرا، وكاد السكوت عنها يورط التدخل الإعلامي في التحيز الضدي، يجعل من أثرة التكثم عنها دفاعا عن قضية إعلامية خاسرة.