عبد الرزاق أبوطاوس
قرار المتابعة القضائية الذي وضع من خلاله قاضي التحقيق بابتدائية مراكش، أمس الجمعة 28 فبراير 2020، مصممة الأزياء (عائشة عياش) في حالة اعتقال، ضمن ملف الإشتباه الذي يتعقبها في تسيير حساب الإساءة الإفتراضي (حمزة مون بي- بي)، وتؤلفه تُهَمُ “المشاركة في الدخول إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال، والمشاركة عمدا في عرقلة سير هذا النظام وإحداث اضطراب فيه وتغيير طريقة معالجته وبث وتوزيع عن طريق الأنظمة المعلوماتية أقوال أشخاص وصورهم دون موافقتهم، وبث وقائع كاذبة قصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص قصد التشهير بهم والمشاركة في ذلك”، لا يحتمل حالة {تنافي أو تخالف أو تغاير} مع القرار القضائي الذي تتابع بمقتضاه المغنية (دنيا بطمة) في حالة {سراح} بضمان كفالة مالية، إذ أن القرارين القضائيين منسجمين مع السلطة التقديرية التي يتمتع بها قاضي التحقيق، ويتم إجراؤها في الحالات التي لا تندرج بصورة واضحة ضمن القوانين المعتادة، أو المعقدة التي تحتاج إلى الإستنباط والتقدير،{لاستجماع الحجج التي سيتم تقديمها إلى هيئة الحكم} تبعا للرأي القانوني الذي أوضحه المحامي بهيئة الدار البيضاء “محمد عاكف” في الحديث الصحافي الذي عرضت من خلاله قناة (شوف تيفي) على (يوتيوب)، استقراء القرارين القضائيين (السراح والإعتقال) اللذين اتخذتهما استئنافية مراكش في ملفي المتابعة المؤلفين من نفس التهمة.
في هذا السياق، أوضح المحامي بهيئة الدار البيضاء، “محمد عاكف” للمصدر، أن توضيح هذه النقطة ينطلق من {أن من بين الخصائص القاعدة القانونية على أنها عامة ومجردة، بمعنى أن كل من توفرت فيه شروط تطبيق هذه القاعدة تطبق عليه، بغض النظر سواء كانت بطمة أو غيرها}، وفي ما أجدى المحامي “محمد عاكف”، بأن {السيد وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بمراكش إرتأى نظره أن يقدم المشتبه فيها في إطار مطالبة بإجراء تحقيق بالنسبة لتهم يجرمها القانون الجنائي، والتمس من السيد قاضي التحقيق أن يمتعها بالسراح المؤقت عندما تقدم بكفالة التي هي 50 مليون، ما معناه أن هذا من باب تحصيل الحاصل، معناه أن هذه السيدة عليها أن تبقى في حالة سراح)، لأننا الآن يقول نفس المحامي “محمد عاكف” {أمام مجموعة من التهم، والنيابة العامة كانت ذكية جدا، حيث كان بإمكانها أن تتابع بطمة أو يكن من يكون مباشرة وتحيله على المحاكمة، ولكن لما تبين أن هناك خيوطا، وأن هناك أشخاصا آخرين سيسفر البحث عن معرفتهم، طالبت بإجراء تحقيق حتى نستجمع جميع الحجج التي ستواجه بها بطمة}.
وأكد نفس المحامي بهيئة الدار البيضاء، “محمد عاكف” في نفس الحديث الصحافي لنفس القناة، بأن (هذا إجراء يومي نعيشه منذ القدم، فالضابطة القضائية في إطار البحث التمهيدي قد يصعب عليها الجمع، فالأمر يتعلق بالجرائم الإليكترونية، وهي جرائم حديثة العهد، وصعب جدا إثباتها، فارتأى نظرها أن تحيل الملف على قاضي التحقيق}، مستطردا في القول بأن (بطمة جزء من المجتمع، والنيابة العامة هي ممثل شريف للمجتمع، هي تمثل جميع المواطنين على حد سواء، سواء كان الأمر يتعلق بمتهم أو بمطالب بالحق المدني كيفما كان نوعه}، وتابع الحديث مسترسلا حول وضع {السراح} بالقول {بأن هذه المسألة لماذا بقيت إلى حد الآن؟ لأن التحقيق لم ينته بعد، ولأن هناك ضمانات، هناك كفالة وتدابير الوضع تحت المراقبة القضائية، هناك إقفال الحدود، فهل هناك أكثر من هذا؟، وأن الإعتقال الإحتياطي في حد ذاته ما هو إلا تدبير استثنائي، إذ يمكن أن تعتقل بطمة، وأثناء سريان إجراء التحقيق يمكن أن تتقدم بطلب السراح المؤقت الذي يمكن أن تحصل عليه، كما يمكن أن يمتعها به قاضي التحقيق، وإذا لم يمنحه لها قاضي التحقيق فهناك الغرفة الجنحية، لأن الحكم يتم بناءا على حجج ووثائق، وإذ لا بد من إثبات هذه التهم}.
وأبرز المحامي بهيئة الدار البيضاء “محمد عاكف” في نفس السياق، بأن {النيابة العامة تمارس سلطة الإتهام، هناك أفعال منسوبة تحيلها على قاضي التحقيق لاستجماع جميع الوثائق، ليتوفر على حجج دامغة حتى إذا ما سطر المتابعة والإحالة على هيئة الحكم يكون قراره قرارا مدعم بحجج وقرائن تسهل المأمورية على هيئة الحكم}، وبالتالي يضيف المحامي بهيئة الدار البيضاء “محمد عاكف” في نفس السياق، بأن{مسألة بقاؤها حرة ليس (“هناك ما يشينها”)، فهي لا زالت متابعة، وحتى لو لم تعتقل حاليا، ربما أثناء التحقيق، وتبين للسيد قاضي التحقيق أن يأمر بإيداعها بالمؤسسة السجنية، بإمكانه، إذا لم تحترم بطمة أوامر التحقيق أو لم تستجب أو تمتثل للإستدعاءات التي تتوصل بها أو شيء من هذا القبيل، يمكن للسيد قاضي التحقيق أن يتراجع عن رأيه لسلطته التقديرية، فلماذا سمي قاضي التحقيق قاضي تحقيق؟، لأنه يحقق في قضية ما في محاولة لاستجماع جميع الحجج التي سيقدمها لهيئة الحكم}، مفيدا، بأنه {لا يخيف أنها طليقة حرة، فهناك كفالة 50 مليون، وهناك المراقبة القضائية وجواز سفرها المسحوب منها، وفي الأخير أن هيئة الحكم هي من سيفصل في هذه النازلة، فإذا ما تبين أن بطمة فعلا أن الأفعال المنسوبة إليها ثابتة في حقها، لا بد أن تنال عقابها، فالقانون فوق الجميع}.
وأوضح بالقول، بأن { من بين المزايا التي جاءت بها المسطرة الجنائية، وهذا التقدم الذي عرفته بلادنا في مجال حقوق الإنسان، ويتم الرجوع إليها، » قرينة البراءة« أصبحت تفرض نفسها، فالفصل الأول من قانون المسطرة الجنائية يقول (المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، فكم من أشخاص توبع في حالة سراح مؤقت، وطبق في حقه القانون، وهو الآنفي السجن، فحالة السراح لها ضمانات والمشرع ينص على ذلك، وإذا توفرت هذه الضمانات فيمكن المتابعة في حالة السراح، وآنذاك، يبقى الأمر لهيئة الحكم هي التي ستقرر بناءا على وثائق الملف الذي لا يزال في التحقيق، فبطمة إذا ما ارتكبت فرغما عنها ستنال عقابها، فالقانون يسري على الجميع، والمغاربة كلهم سواسية أمام القانون، وليس فقط المغاربة، كل من يتواجد داخل الترابي الوطني المغربي يسري عليه القانون، وهو ما يسمى »بمبدإ إقليمية القوانين« ، فكل شخص ارتكب فعلا، وهذا الفعل يجرمه القانون المغربي، فهو يعاقب ضمن هذا القانون الذي قمنا بسنه، والذي نفتخر به وبقضائنا الذي يعي ما يفعل، ويكفي بطمة الحالة التي تعيشها، فهي ليست بالسهلة، فهي مسحوي منها جواز السفر ومغلقة في وجهه الحدود}.
وانتهى المحامي بهيئة الدار البيضاء “محمد عاكف”، إلى {أن التحقيق لا يزال جاريا، وبطمة ليس فقط يمكن أن تعتقل، وإنما ستلقى عقوبة حبسية نافذة، وهذا شيء وارد إذا ما تبين، فهناك أسس للمحاكمة العادلة، فنحن لا نزال في بداية الطريق، ذلك، أن قاضي التحقيق مهمته محصورة في إجراء التحقيق الذي على أساسه ستقدم هذه السيدة بطمة للمحاكمة، فقاضي التحقيق يهيأ لها ملفها، فقاضي التحقيق محايد ولا يتأثر بأية جهة، وأن ضحايا بطمة إذا ما صح التعبير أن هناك ضحايا، فكل سينال جزاءه، من ارتكب الجريمة سيعاقب، والذي لم يرتكب جريمة فلن يعاقب، (فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، فالتحقيق لا يزال جاريا، وفي سرية، ويمكن أن نصل إلى أمور أخطر من ذلك، ولهذا وفي نظري أن الأمور تجري على خير، ومن أذنب سينال عقابه}، بحسب ما جاء في التصريح المصور للمحامي بهيئة الدار البيضاء “محمد عاكف” لنفس المصدر لقناة “شوف تيفي” على يوتيوب”.